للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل: وفيها عزل عبد الملك أميةَ بن عبد الله عن خُراسان، وضمَّ ولايتها وولاية سجستان إلى الحجاج، فسار الحجاج إلى البصرة، واستخلف على الكوفة المغيرة بن عبد الله بن أبي عَقيل.

[قال هشام:] قدم الحجاج البصرة وقد فرغ المهلَّب من حرب الأزارِقة، فقدم المهلَّب على الحجاج، فأجلسه معه على سريره، وأعطى أصحابه الأموال، وأحسن إليهم، وأثنى عليهم وقال: هؤلاء حماة الثُّغور، وغَيظ الأعادي، أهل الحرب والجهاد، فهم أَولى بالعطاء من غيرهم.

ثم مَدح المهلَّب وأثنى عليه (١)، وقال: هو والله كما قال الشاعر: [من البسيط]

فقَلِّدوا أمرَكُم لله دَرّكُمُ … رَحْبَ الذِّراعِ بأمرِ الحَرْبِ مُضطَلِعا

لا مُترَفًا إن رَخاءُ العيشِ ساعدَه … ولا إذا عَضَّ مَكروهٌ به خَشَعا

فقال رجل ممن كان مع المهلب: لكأني والله أسمع قَطَريَّ بنَ الفُجاءة وهو يقول: والله ما حارَبَنَا مثلُه قطّ، هو والله كما قال لَقِيط الإياديّ: [من البسيط]

صُونوا جيادَكمُ واجْلُوا سلاحَكمُ … ثم اقْنَعوا قد ينالُ الأمرَ مَن قَنَعا

ما انْفَكَّ يَحلُبُ هذا الدَّهرَ أَشْطُرَهُ … يكون مُتَّبِعًا يومًا ومُتَّبَعا

حتى استمرَّتْ على شَزْرٍ مَريرتُه (٢) … مُسْتَحكِمَ السِّنِّ لا فَانٍ ولا ضَرَعا

فأعجب الحجاج موافقةُ قطري إياه.

والأبيات بأسرها للَقِيط الإيادِي من قَصِيد، ولقيط شاعر جاهلي قديم، كتب بها إلى قومه يُنذرهم جيش كسرى (٣).

ثم إن الحجاج ولّى المهلَّب خراسان وسجستان، وقيل إنه خَيَّره بين الولايتين فاختار خُراسان (٤)، وقال المهلَّب للحجاج: ألا أدلك على رجل يصلح لسِجِسْتان؟


(١) من هنا إلى قوله: ثم إن الحجاج وليَّ المهلب؛ ليس في (ص)، والخبر في (م) مختصر على الأسطر الثلاثة الأولى، وما بين معكوفين منهما.
(٢) في النسخ: سرر سريرته، والمثبت من المصادر.
(٣) "الكامل" ٣/ ١٣٥٠، و"الأغاني" ٢٢/ ٣٥٧، و"تاريخ دمشق" ١٧/ ٤٤٧ (مخطوط).
(٤) في النسخ خلا (ص): ثم إن الحجاج خيّر الهلب بين ولاية خراسان وسجستان فاختار خراسان، والمثبت من (ص).