للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن جعفر: أتذكر إذ تلقَّيْنا رسولَ الله ﷺ أنا وأنت وابن عباس؟ فقال ابن جعفر: نعم، فحمَلَنا وتركَك (١).

وليس في الصحابة عبد الله بن جعفر غيره. وأما من غيرهم فثلاثة:

عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المِسْوَر (٢) بن مَخْرَمَة الزّهريّ، من الطبقة السادسة من أهل المدينة، وأمُّه بُرَيْهة بنت محمد، من ولد عبد الرحمن بن عوف ﵁. وكان من رجالات قريش، من أشراف المدينة، عالمًا بالفتوى والمغازي وغيرها.

وكان محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن إذا دخل المدينة مُستخفيًا نزل عليه، وكان من ثِقاته وخَواصّه، ينقل إليه الأخبار، ولما خرج محمد خرج معه، ولما قُتل محمد اختفى.

وكان محمد لما خرج بالمدينة تبعه مع أخيه موسى بن عبد الله إلى الشام ليدعُوَا إليه، فرجعا من دُومَةِ الجَنْدل خوفًا على أنفسهما، ثم أقام مُستخفيًا، وقد خرج الحسين بن علي بن حسن بن حسن، فخرج معه، فقتل معه بفَخّ (٣).

وسئل الإمام أحمد بن حنبل ﵁ عن محمد الله بن جعفر هذا فقال: ثقة ثقة.

وإنما كره أهل المدينة روايته لخروجه مع محمد، والحسين.

قال الواقدي: كنتُ بالمدينة وجاءني نَعيُ أبي عمر، فخرجتُ إلى السّوق، فإذا أنا بالمَخْرميّ -يعني عبد الله بن جعفر هذا- راكب على بغلته واقف، فسلّم علي وقال: ما رأيتُك منذ أيام! فقلت: جاء نَعيُ أبي، فلم يكلّمني حتى رَدَّ رأسَ بَغْلته إلى داره فنزل، ثم جاءني ماشيًا إلى بيتي فعزَّاني، فشَقَّ عليَّ مَجيئُه، فقلت: ما أحبُّ أن تَتَعنَّى وتجيءَ ماشيًا، فقال: إنَّ أحبَّ إليّ ما أقضي فيه الحقّ أشقُّه علي، ألم تسمع حديث أم بكر بنت المِسْوَر؟ قلت: لا، قال: حدَّثتني أم بكر: أن المِسْوَر اعتَل، فجاءه ابنُ عباس يَعوده في وقتِ القائلة، فقال له المِسْوَر: يا أبا عباس، هلّا في ساعةٍ غير هذه، فقال ابن عباس: أَن أحبّ الساعات إليَّ أن أُؤدّي فيها الحقّ أشقّها علي.


(١) صحيح البخاري (٣٠٨٢)، وأخرجه أحمد (١٧٤٢)، ومسلم (٢٤٢٧).
(٢) في النسخ: الأسود، والمثبت من "طبقات ابن سعد" ٧/ ٥٨٠، و "تاريخ دمشق" ٧٠ (عبد الله بن جابر- عبد الله بن زيد)، و"تهذيب الكمال" (٣١٩١)، و"السير" ٧/ ٣٢٨.
(٣) هو وادٍ بمكة. معجم البلدان ٤/ ٢٣٧.