للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال عمر: لا يكون عليك ظَلامُها أبدًا، فقال زياد:

وقد كنتُ أدعو اللهَ في السرِّ أن أرى … أُمورَ مَعَدٍّ في يدَيك نِظامُها

قال عمر: قد رأيتَ ذلك، فقال زياد:

فلما أتاني ما أردتُ تباشَرَت … بَناتي وقُلْنَ (١) العامَ لا شَكَّ عامُها

فقال عمر: هو عامُهنَّ إن شاء الله تعالى، فقال زياد:

وإني وأرض أنتَ فيها ابنَ مَعْمَرٍ … أُقيمُ بها لا يَطْرُقَنَّي حَمامُها (٢)

فقال ابنُ مَعْمَر: إن شاء الله، فقال زياد:

إذا اخترتُ أرضًا للمُقامِ رَضيتُها … لنفسيَ لم يَثقُلْ عليَّ مُقامُها

فقال عمر: وأنا كذلك، فقال زياد:

وكنتُ أُمَنِّي النفسَ فيك ابنَ مَعْمَرٍ … أمانيَّ أرجو أن يَتمَّ تَمامُها

فقال له عمر: قد تمَّتْ فسَلْ حاجَتَك، فقال زياد: نَجِيبةٌ وخادمُها، وفرس وسائسُه، وخادمة ودابّتها، وبَدْرَةٌ وحاملُها، وتَخْتُ ثياب ووَصيفٌ يحمله، فقال عمر: قد أمرنا لك بجميع ذلك، وهو لك علينا في كلِّ سنة.

ذكر وفاته:

[اتفقوا على أنه توفي بالشام، وإنما اختلفوا في أي مكان، فذكر البلاذري أنه] قَدِم على عبد الملك، فنزل مَرْج العَذْراء في سنة اثنتين وثمانين؛ والطاعون يغلي بالشام، فمات في المَرْج، وخرج عبد الملك من دمشق فصلّى عليه، ومشى إلى قبره، وجلس عليه، فقالت امرأة: واسيِّد العرب، فقال لها رجل: أتقولين هذا وأمير المؤمنين يستمع؟! فقال له عبد الملك: اسكتْ، فقد صدقت والله، ولما قام من عند قبره قال: السلام عليك أبا حفص، لقد كنتَ والله لا تَحسُد غنيَّنا، ولا تَحتَقِر فقيرنا، وقال: لقد علمتْ قريش أنها فقَدَتْ اليوم نابًا من أنيابها (٣).


(١) في (أ) و (ب) و (خ) و (د): مناي وقلت، والمثبت من المصادر، انظر "الأغاني" ١٥/ ٣٨٦، و"المنتظم ٦/ ٢٤٠، وديوانه ١٦٥.
(٢) في المصادر: كمكّةَ لم يطرب لأرض حمامها.
(٣) "أنساب الأشراف" ٨/ ٢٤٧ - ٢٤٨، وانظر "تاريخ دمشق"٥٤/ ٢٣٩، و"المنتظم"٦/ ٢٤٢.