للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد رثى زياد الأَعْجم المغيرة فقال: [من الكامل]

قُلْ للقَوافِلِ والغَزِيِّ إذا غَزَوْا … والباكِرِينَ وللمُجِدِّ الرَّائحِ

إن السمَّاحةَ والمروءةَ ضُمِّنا … قَبْرًا بمَرْوَ على طريقِ الواضحِ

مات المغيرةُ بعد طُولِ تَعَرُّضٍ … للموت بين أسِنَّةٍ وصَفائحِ

فإذا مَرَرْتَ بقَبره فاعقِرْ به … كُومَ الهِجانِ وكلَّ طِرْفٍ (١) سابحِ

وانضَحْ جوانبَ قبرِه بدمائها … فلقد يكونُ أخا دَمٍ وذَبائحِ

فقال يزيد بن المُهَلّب، وقيل: قَبيصة بن المُهَلَّب: هل عَقَرْتَ؟ قال: لا. قال: ما منعك؟ قال: كنتُ على همة (٢) الهمارة، يريد الحمارة، وكان يَرتاد لُكْنَةً، فقال: أما والله لو عَقَرتَ، ما أصبح في آل المهلَّب صاهِلٌ إلا على مِزْوَدِك.

وقال ثعلب: أُنشِدْتُ لبعض المحدثين في معنى ما قال زياد الأعجم: [من الخفيف]

أيُّها النَّاعِيان مَن تَنْعَيان … وعلى مَن أراكما تَبكيانِ

اندُبا الماجدَ الكريمَ أبا إسـ … ـحاقَ ربَّ المعروفِ والإحسانِ

واذهبا بي إن لم يكن لكما عَقْـ … ـرٌ إلى قُربِ قَبرِه فاعقِراني

وانْضَحا من دَمي عليه فقد كا … نَ دَمي من نَداه لو تَعلمانِ (٣)

وهو زياد بن سليمان، كان ينزل اِصْطَخْر، غلبت الأعجميَّةُ على لسانه فقيل: الأعجم.

وقيل: مَولدُه ومَنشؤه بخُراسان، وقيل: بأصبهان، ثم انتقل إلى خُراسان ومات بها، وكان شاعرًا مُفْلِقًا، وديوانُه مشهور (٤).

وكان المهلب لما بلغه وفاةُ ابنه المغيرة بعث يزيد إلى مرو، وصالح أهلَ كِيش، وأخذ منهم رُهونًا ليُؤَدُّوا إليه الفِدْيَة، وسار عن كِيش، واستخلف مع الرُّهون حُرَيثَ بنَ قُطْبَة مولى خُزاعة، وقال: إذا استوفيتَ الفِديةَ فسَلِّم إليهم الرُّهون والحَقْني.


(١) بكسر الطاء: هو الكريم من الخيل.
(٢) كذا، وفي "الأغاني" ١٥/ ٣٨٢، و"تاريخ دمشق" ٦/ ٤٧٥ (مخطوط): بنت، وانظر ديوانه ٨٤ - ٨٧ وتتمة تخريجها فيه.
(٣) "الأغاني" ١٥/ ٣٨٢.
(٤) انظر "الأغاني" ١٥/ ٣٨٠، و"تاريخ دمشق" ٦/ ٤٧٣.