للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن اليَمان الأَزْدِيّ من أهل دَبَا، وكتب له فرائضَ الصدقات، فكان يأخذ صَدَقات أموالهم من أغنيائهم، ويَردُّها على فقرائهم، فلما توفي رسول الله ارتدُّوا ومنعوا الصدقة، فكتب حذيفة إلى أبي بكر الصديق بذلك، فوجه عكرمةَ بنَ أبي جَهْل إليهم، فقاتلهم فهزمهم عكرمة، وأكثر فيهم القتل، ومضى فَلُّهم إلى حِصن دَبا فتحصَّنوا فيه، وحَصرهم المسلمون في الحصن، حتى نزلوا على حكم حذيفة بن اليمان الأزديّ، فقتل مئةً من أشرافهم، وسبى ذراريهم، وبعث بهم إلى أبي بكر الصديق رضوان الله عليه إلى المدينة، وفيهم أبو صُفرة غلامٌ لم يَبلغ يومئذ، فأراد أبو بكر قتلَهم، فمنعه عمر بن الخطاب من ذلك وقال: هؤلاء قوم قد شَحُّوا على أموالهم، وأبي أبو بكر عليه، فوقَّف أمرَهم، وأنزلهم في دار رَمْلة بنت الحارث إلى أن توفي أبو بكر رضوان الله عليه، وولي عمر رضوان الله عليه، فدعاهم وقال: قد أفضى هذا الأمر إليّ، فانطلقوا إلى أيِّ البلاد شئتُم وأنتم أحرار لا فديةَ عليكم، فخرجوا حتى نزلوا البصرة، ورجع بعضهم إلى بلاده، وكان أبو صُفرة فيمن نزل البصرة، وشَرُف بها هو وأولاده (١). وهو من الطبقة الأولى من التابعين من أهل البصرة.

وأما المهلب فمن الطبقة الأولى أيضًا من التابعين من أهل البصرة، وكنيته أبو سعيد، أدرك عمر ولم يرو عنه شيئًا، وروى عن سَمُرة بن جُنْدب وغيره، وولي خُراسان، ومات بمَرْو الرُّوذ سنة ثلاث وثمانين، واستخلف على خراسان ابنَه يزيد فأقرَّه الحجَّاج (٢).

وكان المُهلَّب وأولاده من وجوه أهل البصرة وأشرافهم وشُجعانهم وفُرسانهم وأجوادهم.

وقال ابن عساكر: وفد أبو صُفرة على عمر رضوان الله عليه ومعه عشرة من الولد؛ المُهلَّبُ أصغرهم، فجعل عمر ينظر إليهم ويتوسَّمُهم، ثم قال لأبي صُفرة: هذا سيدُ ولدِك، يعني المهلب (٣).


(١) "طبقات ابن سعد" ٩/ ١٠٠ - ١٠١، ومن طريقها "تاريخ دمشق" ١٧/ ٤٤٢ - ٤٤٣، و"تهذيب الكمال" (٦٨٢٤).
(٢) "طبقات ابن سعد" ٩/ ١٢٩.
(٣) "تاريخ دمشق" ١٧/ ٤٤٥ (مخطوط).