للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: زيادٌ لا يُرَوَّعُ جارُه … فذلك جاري بل من الجارِ أقرَبُ

وبلغ الحجاج فقال: ما أخطأتِ العربُ حيث جعلتْ المُهَلَّبَ رَجُلَها (١).

وقال ابن قتيبة: لم يكن المُهلَّبُ يُعاب بشيء إلا بالكَذِب (٢).

ذكر وفاته:

مات بخُراسان بمرْو الرُّوذ، بقرية يقال لها: زاغول، غازيًا في ذي الحجة هذه السنة، وله ست وسبعون سنة، ويقال: إن مَولده سنة فتح مكة، وقيل: مات سنة اثنتين وثمانين.

وقال المفضَّل بن محمد: سار المهلب من كِيش يريد مَرْو، فلما كان بزاغول أصابته الشَّوْصَة (٣)، وقيل: الشَّوْكَة، فدعا حَبيبًا ومَن حَضَر من وَلَده فأوصاهم، ودعا بسِهامٍ فحُزِمت، وذكر بمعنى ما تقدَّم في الوصية، وقال: وإياكم والقطيعة فإنها توجب الذِلَّة، وتُورث القِلَّة، فتحابّوا وتواصلوا، ولا تختلفوا يجتمع لكم أمْرُكم، وإن بني الأم يختلفون فكيف ببني العَلّات؟ ولتكن أفعالكم أفضلَ من أقوالكم، واتّقوا زلَّة اللسان؛ فإن الرجل تزِلُّ قدمُه فيُنْعَشُ من زَلَّته، ويزلُّ لسانه فَيَهْلك، واصطنعوا العُرفَ، وَفُوا بالمواعيد، وقد استخلفت يزيد، وجعلت حبيبًا على الجُند حتى يَقدم بهم عليه.

ثم مات فصلى عليه حبيب، وكان يحبّ حَبيبًا ويقول: هو سيّد أولادي (٤).

ورثاه نَهار بن تَوْسِعة التَّميمي بقصائد منها: [من الكامل]

كان المهلَّبُ للعراق سَكينة … ووليَّ حادِثِها الذي يُستنكَرُ (٥)

إن يَدْفِنوه فإن مثلَ بَلائه … في المسلمين وذِكْرِه لا يُقْبَرُ

كان المدافِعَ دون بيضَةِ مِصْرِه … والجابرَ العَظْمِ الذي لا يُجْبَرُ


(١) "تاريخ دمشق" ١٧/ ٤٤٩ - ٤٥٠، وانظر ديوان زياد ٦٧، ١٢٠ وتخريجها فيه.
(٢) "المعارف" ٣٩٩. وقد ردّ هذه التهمة ابن عبد البر في الاستيعاب" (٣٠٢٤).
(٣) هي وَجَعٌ في البطن، ومن هنا وقع في (ب) سقط ينتهي في أول ترجمة قبيصة بن ذؤيب في أثناء سنة (٨٧ هـ).
(٤) "تاريخ الطبري" ٦/ ٣٥٤ - ٣٥٥.
(٥) في (د) و (خ): يستكثر، والمثبت موافق لتاريخ دمشق ١٧/ ٤٥٣، و"تهذيب الكمال" (٦٨٢٤).