ولم يُحفظ عنه من الشعر سوى هذين البيتين: [من البسيط]
إنّا إذا نَشَأتْ يومًا لنا نَعَمٌ … قالت أَكُفٌّ لنا أزدِيَّةٌ عودوا
لا يوجدُ الجودُ إلا عند ذي كَرَمٍ … والمالُ عند لِئامِ الناسِ مَوجودُ
ونزل المهلَّبُ دار محمد بن مِخْنَف، فلما أراد الرحيل قال لغلمانه: لا تحملوا من مَتاعنا شيئًا، فقُوِّم المتاعُ بثلاث مئة ألف درهم.
وكان المهلَّب أعورَ، سمع رجلًا يقول: هذا الأعور ساد الناس، ولو أُخرج إلى السوق لما ساوى أكثر من مئة درهم، فبعث إليه بمئة درهم وقال: لو زِدْتَنا في القيمة زِدناك في العطيَّة.
وأغلظ رجل للمهلب فلم يُجبه، فقيل له: اربَأ عليك، فقال المهلب: لم أعرف مَساوئه، أفأَبْهَتُه بما ليس فيه.
وقدم زياد الأعجم خُراسان على المهلَّب، فنزل على حَبيب بن المهلَّب، فجلسا يومًا على الشراب؛ وفي الدار شجرةٌ عليها حَمامة، فجعلت تدعو، فقال زياد: [من الوافر]
تَغَنَّيْ أنتِ في ذِمَمي وعَهْدي … بأن لن يَذْعَرُوكِ ولن تُطاري
إذا غَنَّيتِني وطَرِبْتُ وَهْنًا … ذَكرتُ أحبَّتي وذَكَرْتُ داري
فإمَّا يَقتلوكِ طَلبتُ ثأرًا … بقَتلِهمُ لأنك في جِواري
فأخذ حبيبٌ سهمًا، فرماها به فقتلها، فقال زياد: قتلتَ جاري؟ بيني وبينك أبوك.
فاحتكما إلى المهلب فقال: يا حَبيب ادفع إلى أبي أُمامة دِية جارته ألفَ دينار كاملة، فقال حبيب: إنما كنتُ ألعب! فقال: ليس مع جارةِ جاري لَعب. فأعطاه ألفَ دينار، فقال زياد يمدح المهلَّب: [من الطويل]
فلله عَينا من رأى كقَضيَّةٍ … قضى لي بها شيخُ العراقِ المُهَلَّبُ
قضى ألفَ دينارٍ بجارٍ أجرتُه … من الطير حَضّانِ على البَيضِ يَنعَبُ
رماه حَبيبُ بنُ المُهَلَّب رميةً … فأنفذه بالسَّهْمِ والشمسُ تَغرُبُ
فألزمه عَقْلَ القتيلِ ابنُ حُرَّةٍ … فقال حبيبٌ إنما كنتُ أَلعَبُ