للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما حصل ابن الأشعث عند رتبيل كتب إليه الحجاج: والله لئن لم تبعث إليَّ بابن الأشعث لأُوطِئَنَّ أرضك ألف ألف مقاتل، وإن بعثت به إليّ وضعتُ عنك خراجَك سبع سنين.

فقتل رتبيل ابنَ الأشعث، وبعث برأَسه إلى الحجاج، وقيل: إنه مات بعلّة السلّ عند رُتبيل، فبعث فحزّ رأسه وبعث به إلى الحجاج، وكان قد أسر ثمانية عشر رجلًا من آل ابن الأشعث، فكتب إلى الحجاج يخبره، فخاف الحجاج أن يبعث بهم إليه أحياء؛ فيطلب منه عبد الملك تَخليتَهم، فكتب إلى رتبيل: اضرب أعناقهم، وابعث إليَّ برؤوسهم ففعل.

وقال معمر: خرج عُمارة بين تميم اللخمي من كَرمان يطلب سِجستان، فأتى إليها وعلى الخمس مئة الذين ذكرناهم مَودود العَنْبريّ، فحصرهم ثم أمَّنهم، واستولى على سجستان، وبعث إلى رتبيل بكتاب الحجّاج وفيه معنى ما تقدم الترغيب والترهيب، فأبى رُتبيل أن يُسلِم ابن الأشعث.

وكان مع ابن الأشعث عُبيد بن أبي سُبَيع التميميّ، وكان خَصيصًا به، وكان رسولَه إلى رُتبيل، فخف على رُتبيل (١) واستخصّه، فقال القاسم بن محمد بن الأشعث لأخيه عبد الرحمن: قد رابني أمرُ هذا التميميّ فاقتله، فهمّ به، وبلغ التميميَّ فخافه ووشى به إلى رُتبيل، وخوَّفَه الحجاجَ، وخرج سرًّا إلى عُمارة، فصالحه على مالٍ لرُتبيل ولنفسه؛ يقال: إنه ألف ألف درهم، ووضع الخراج عنه مدة عشر سنين، واتّفق عُمارة مع الحجاج على ذلك.

جعل رُتبيل في عُنق عبد الرحمن وأخيه وأهله الجوامع (٢)، وبعث بهم إلى عمارة وكان نازلًا ما بين سجستان وبلاد رُتبيل، ولما قَرُب عبد الرحمن من عُمارة مرَّ في طريقه بقصرٍ، فصعد إلى أعلاه، ثم ألقى نفسه منه فمات، فاحتزّوا رأسَه، وأتوا به وبأهله إلى عُمارة، فقتل الأسرى، وبعث بالرأس إلى الحجاج، فبعث به إلى عبد الملك، وبعث به عبد الملك إلى أخيه عبد العزيز بمصر.


(١) أي: أَنِسَ به. وقولُ معمر هذا (وهو ابنُ المثنَّى) في تاريخ الطبري ٦/ ٣٩٠.
(٢) كذا، وهذا السياق فيه انقطاع، صوابه: فأرسل رتبيل إلى ابن الأشعث فأحضره وثلاثين من أهل بيته وقد أعد لهم الجوامع والقيود .... انظر الطبري ٦/ ٣٩١.