للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الشعبي: قال مروان بن الحكم يوم المَرج لأيمن بن خُريم: ألا تخرج معنى فتقاتل؟ فقال: لا، إن أبي وعمي سبرة شهدا بدرًا مع رسول الله عَهِدا إليَّ أني لا أُقاتل رجلًا يشهد أن لا إله إلا الله، فإن أَتيتَني ببَراءةٍ من النار خرجتُ معك، فسَبَّه مروان وقال: اذهب فلا حاجةَ لنا فيك، فقال: [من الوافر]

ولستُ مُقاتلًا رجلًا يُصلّي … على سلطانِ آخرَ من قريشِ

له سلطانُه وعليّ إثمي … مَعاذ الله من جَهلٍ وطَيشِ

أأقتُل مُسلمًا في غير شيءٍ … فلستُ بنافعي ما عشْتُ عيشي (١)

وله مع عبد الملك قصة حكاها قَبْيصة بن ذُؤيب قال (٢): كان عبد الملك شديدَ الشَّغَفِ بالجِماع، فلما أسنّ ضَعُفَ عنه، وازداد غَراما بالنّساء، فدخل عليه يومًا أيمن ابن خُريم فقال له: كيف قُوَّتُك يا أيمن؟ فقال: آكل الجَذَعةَ من الضَّأن بالصّاع من البُرّ، وأشربُ العُسَّ أَغُبُّه غَبًّا، وأرتَحِل البعيرَ الصَّعب فأُنضيه، وأركبُ المُهْرَ الأَرِن فأُذَلله، وأفتَضّ العّذراء لا يُقعدني عنها الكِبَر، فغاظ ذلك عبد الملك وحسده، فحرمه العطاء ومنعه إياه، فقالت له امرأته: اصدُقْني عن حالك، هل لك إليه جُرم؟ قال: لا والله، قالت: فما الذي دار بينكما آخرَ ما لَقيتَه؟ فقال: قال لي كذا وكذا، وقلت له كذا، قالت: فمن ها هنا دُهِيت (٣)، فدخلتْ على عاتكة زوجة عبد الملك، وقالت: أسألُكِ أن تسألني أمير المؤمنين أن يُعديني على زوجي (٤)، قالت. وما الذي به؟ فقالت: لا أدري أرجل هو أم امرأة؟ ولي مدة لا أعرف له فراشًا، فسليه أن يُفرِّق بيننا، وأخبرت أيمن.

ودخل عليها عبد الملك فأخبرته، فاستدعى أيمن، وسأله عما قالت امرأتُه فاعترف، فقال: ألست القائل كذا وكذا؟! قالا: إن الرجل لَيَتَجَمَّل عند سُلطانه، ويتجلد على أعدائه بأكثر ما وصفت، وأنا القائل: [من المتقارب]

لقيتُ من الغانياتِ العُجابا … لو ادْرَكَ منّي النِّساءُ الشَّابا


(١) الخبر ليس في (ص)، وانظره في "الشعراء والشعراء" ١/ ٥٤٢، و "تاريخ دمشق" ٣/ ٢٣٨ فما بعدها (مخطوط)، وردَّ الواقدي شهود خُرَيم أبي أيمن وسَبْره عمِّه بدرًا، انظر طبقات ابن سعد ٦/ ١٥٩ و ٨/ ١٦١.
(٢) في (أ) و (خ) و (د): وقال قبيصة بن ذؤيب، والمثبت من (ص).
(٣) في (ص) و "الأغاني" ٢٠/ ٣٠٨: أتيت. وانظر "الشعر والشعراء" ١/ ٥٤٢ - ٥٤٣ ففيه الشعر الآتي.
(٤) في الأغاني: أن تستعدي لي أمير المؤمنين على زوجي.