للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا لم يُخالطْنَ كلَّ الخِلا … طِ أصبَحْنَ مُخْرَنْطِماتٍ غِضابا

فضحك عبد الملك وقال: ما ترى في زوجتك؟ قال: قد أَجَّلْتُها أجَلَ العِنين، فإن استطعتُ قُربانها وإلا فارقتُها، فأمر له بما فات من عطائه وأدناه.

ومن شعر أيمن في غَزالة وأهل العراق: [من المتقارب]

ألا يَستحي اللهَ أهلُ العرا … قِ إذْ قَلَّدوا الغانياتِ السُّمُوطا

وجيشُ غزالة يغتالُهم … ويقتل كَهْلَ الرجالِ الوَسِيطا (١)

سلمة بن زيد بن نُباتةَ الفَهْميّ، وفد على عبد الملك فقال له: أيّ الزمان أدركت أفضل؟ وأي الملوك رأيتَ أفضل؟ فقال: أما الزمان فمن شأنه أن يَرفع قومًا، وَيضع آخرين، يُبلي جديدَهم، ويُهرِم صغيرَهم، وكلُّ ما فيه مُنقطع غير الأمل، وأما الملوك فهم بين مَذموم ومَمدوح، قال: ما تقول في قومك؟ فقال: [من الخفيف]

دَرَجَ الليلُ والنَّهارُ على فَهْـ … ـم بنِ عَمرو فأصبحوا كالرَّميمِ

وخَلتْ دارُهم فأضحتْ يَبابًا … بعد عِزٍّ وثَروةٍ ونَعيم

وكذاك الزَّمانُ يَذهب بالنا … سِ وتبقى ديارُهم كالرُّسومِ (٢)

أرطاة بن زُفَر بن عبد الله، من غَطَفان، وكنيته أبو الوليد، عاش ثلاثين ومئة سنة، دخل على عبد الملك فقال له: يا أرطاة، ما بقي من شعرك؟ فأنشد: [من الوافر]

رأيتُ المرءَ تأكله الليالي … كأكْلِ الأرضِ ساقِطةَ الحديدِ

وما تبغي المنيَّةُ حين تأتي … على نفس ابنِ آدمَ من مَزيدِ

وأعلمُ أنها سَتَكُرُّ حتى … تُوفِّي نَذْرَها بأبي الوليدِ

فارتاع عبد الملك لأنه كان يُكنى أبا الوليد، فقال أرطاة: يا أمير المؤمنين، إنما عَنيتُ نفسي، فقال: يا أرطاة وأنا والله سيمرُّ بي الذي مرَّ بك (٣).

ومنهم عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.


(١) "الأغاني" ٢٠/ ٣١٤، و "أنساب الأشراف" ٦/ ٥٩٨. والسُّموط جمع سِمْط، أي: القِلادة، وغَزَالة: زوجة شبيب بن يزيد رأسَ الخوارج. والوسيط: ذو المجد الرفيع.
(٢) "تاريخ الطبري" ٦/ ٤٢٠، و "أنساب الأشراف" ٦/ ٣٤٢. وفَهْم بن عمرو: أبو حيّ من قيس بن عَيلان، والفَهْميّ نسبةٌ إليه.
(٣) "تاريخ دمشق" ٢/ ٦٦٠ - ٦٦١ (مخطوط).