للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الزبير بن بكار: حدثني عبد الله بن قيس الرُّقَيّات قال (١): خرجتُ مع مصعب إلى قتال عبد الملك، فدعا مصعب بمالٍ ومَناطق، فألبسني منها، وأقمتُ معه حتى قُتل، وهربتُ إلى الكوفة، فاختفيتُ عند امرأة في مُسْتَشْرَفٍ لها سَنة، لا تسألني عن حالي ولا أخبرها بشيء، واشتدّ الطَّلَب، وكانت تأتيني بطعامٍ وشراب، فقالت: ما أكره مُقامك عندي، ولكني أخاف عليك فاذهب، فخرجتُ وقتَ السَّحَر، وإذا براحلتين وعبد وطعام، ودفعتْ إلى العبدِ نفقةً وقالت: أنفق على مولاك، وقالت: العبد والراحلتان لك، فخرجت إلى مكة، فأتيتُ منزلي ليلًا فقالوا: ما أشدَّ طلبَ القوم لك! فخرجت إلى المدينة، فأتيت عبد الله بن جعفر وقت المساء وأنا مُتَلَثِّم، وهو على المائدة، فأكلتُ معه، فلما خرج أصحابُه كشفتُ لِثامي، فقال: ابنَ قيس؟ قلتُ: نعم، قال: ما أشدَّهم في طلبك! فقلت: جئتُك عائذًا بالله وبك، فقال: ما أحرصهم على الطفَرِ بك! وقد أجرتُك، وسأكتبُ لك إلى أمّ البَنين بنت عبد العزيز بن مروان زوجة الوليد؛ فإن لها منزلة عند عبد الملك.

فكتب له، وخرج بكتابه فأوصله إليها، فلما دخل (٢) عليها عبد الملك سألها حوائجَها وقال: قد قَضيتُ لك كلَّ حاجة إلا ابن قيس الرقيات، فقالت: ما أريد إلا هو، فإن أبي قد كتب إليّ فيه، يعني عبد الله بن جعفر، فنفض يدَه في وَجهها فأصاب حُرّ وَجهها، فوضعت يدها على عينها، فرقّ لها فقال: قد قضيتُ حاجتَك وهو امن، فمُرِيه فليحضر العَشيَّة مجلسي.

فحضر الناس وحضرتُ، فلما أخذوا مجالسَهم قال عبد الملك: يا أهلَ الشام، هل تعرفون هذا؟ قالوا: لا، قال: هذا ابنُ قيس الرّقَيات الذي يقول:

كيف نَومي على الفِراش


(١) كذا، والخبر في "الأغاني" ٥/ ٧٦ من طريق الزبيري، عن عبد الله بن البصير البربري مولى قيس بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه قال.
(٢) في (أ) و (د) و (خ): فكتب إليها فلما دخل، والمثبت من (ص).