للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما بلغ عشرين ومئة قال: [من الكامل]

ولقد سَئمتُ من الحياةِ وطُولها … وسؤالِ هذا الناس كيف لَبيدُ

فلما بلغ ثلاثين ومئة قال: [من الطويل]

تمنَّى ابنتايَ أن يعيشَ أبوهما … وهل أنا إلا من ربيعةَ أو مُضَرْ

فقوما وقولا بالذي تَعرفانِه … ولا تَخْمِشا وَجْهًا ولا تَنتفا شَعَرْ

وقولا هو المرءُ الذي تعرفانه … وما خانَ يوما للخليل ولا غَدَرْ

إلى الحولِ ثمَّ اسْمُ السَّلامِ عليكما … ومن يَبْكِ حَوْلا كاملا فقد اعْتَذَرْ

فقال: إيه حَدِّثني يا شعبي. رجاء أن يعيشها، وفارقته في تلك الليلة فمات فيها.

وجمع عبد الملك بنيه وأوصاهم فقال: يا بَنيّ، عليكم بتقوى الله فإنه أزين حُلَّة، وأحصن كهف، وأن يَعطِف الكبير على الصغير، وأن يعرف الصغير حق الكبير، وإياكم والفُرقة والاختلاف؟ فإن به هلك الأولون، وذَل به ذوو العزّ، وعليكم بمَسْلَمة فاصدروا عن رأيه؟ فإنه مِجَنُّكم الذي تتّقون به، ونابُكم الذي تَفْتَرُّون عنه، وكونوا بني أم واحدة، ولا تُدنوا العقاربَ منكم، وكونوا في الحروب أحرارًا، وللمعروف منارًا، فإن الحرب لا تُدني مَنيَّةً قبل وقتها، واحلَولُوا في مرارة، ولينوا في شدّة، وضعوا الصَّنائع عند ذوي الأحساب، فإنهم أشكر لما يؤتى إليهم (١).

ثم تمثّل بأبيات ابن عبد الأعلى الشَّيباني: [من الكامل]

فانْفُوا الضَّغائنَ والتَّخاذُلَ عنكمُ … عند المَغِيبِ وفي حُضورِ المَشْهَدِ

بصَلاحِ ذات البَينِ طُولُ بَقائكم … إن مُدَّ في عُمري وإن لم يُمْدَدِ

وتكون أيديكم معًا في عَونكم … ليس اليَدان لذي التَّعاوُنِ كاليَدِ

إن القِداحَ إذا اجتمعْنَ فرامَها … بالكسْرِ ذو حَنَقٍ وعِزّ أَيّدِ

عَزَّتْ فلم تُكسَر وإن هي بُدِّدَتْ … فالكسرُ والتَّوهينُ للمتَبَدِّدِ

ثم قال: يا وليد، اتَّقِ الله فيما استخلفتُك عليه، واحفظ وصيَّتي، وانظر إلى أخي معاوية فإنه ابن أمّي، وقد أُصيبَ في عقله، ولولا ذلك لاستخلفتُه، وأخي محمد فأقِرَّه


(١) "مروج الذهب" ٥/ ٣٦٩ - ٣٧٠، و"المنتظم" ٦/ ٢٧٤ - ٢٧٥، و"أنساب الأشراف" ٦/ ٣٨٧.