للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض الرهبان: احذر الشّاهد، فقال: أول ما أضع فأسي في رأس الشاهد، ثم كبّر الوليد، ثم ضربه فهدمه.

[وفي رواية:] ولما أراد أن يهدم الكنيسة قال له كبير النَّصارى: مَن يهدا هذه الكنيسة يُجَنّ، فقال الوليد: أنا أولى مَن جُنَّ في الله، ثم أرسل إلى اليهود فجاؤوا بتوراتهم وأحبارهم فهدموها (١).

وحكى ابن عساكر، عن أبي الحُسين الرّازي قال (٢): قرأت في كتاب "أخبار الأوائل" أن الدار المعروفة بالمطبق وا أورار المعروفة بدار الخيل مع موضع المسجد الجامع؛ أقاموا وقت بنائها يأخذون الطَّالع ثماني عشرة سنة، وقد حفروا أساس الحيطان، حتى وافاهم الوقت الذي طلع فيه الكوكبان اللذان أرادوا أن لا يخرب أبدًا، ولا يخلو موضع المسجد من العبادة أبدًا.

قال المصنف (٣): وقد ذهب المطبق ودار الخيل فلا عين ولا أَثَر، ولم ينفع الطَّالع مع جَريان القَدَر.

ولما هدم (٤) الوليد الكنيسة شقَّ ذلك على ملك الروم، وجمع القِسِّيسين والرهبان وأكابر دين النصرانية وقال لهم: ما ترون؟ فقالوا: اكتب إليه، لقد هدمتَ الكنيسة التي رأى أبوك بقاءها، ولم يجدد ما قد شرعتَ فيه، فإن كان أبوك على الحق فقد خالفتَه، وإن كان على الباطل فقد أخطأ، فجمع العلماء وقال: ما ترون في جوابه؟ فلم يحضرهم جواب، فدخل الفرزدق الشاعر فقال له: يا أمير المؤمنين، اكتب إليه: ﴿فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيمَانَ وَكُلًّا آتَينَا حُكْمًا وَعِلْمًا (٧٩)[الأنبياء: ٧٩]، فحشا الوليد فاه بالجوهر، وكتب بها إلى ملك الروم.

وسنذكر تمام عمارة جامع دمشق في سنة ست وتسعين.


(١) "تاريخ دمشق" ١/ ٣٠٧ - ٣٠٨. وما بين معكوفات من (ص).
(٢) في (أ) و (خ) و (د): وقال أبو الخير الرازي، والمثبت من (ص)، والخبر في "تاريخ دمشق" ١/ ٣٠٨.
(٣) في (ص): قلت.
(٤) في (ص): وقال أبو الحسين الرازي ولما هدم. والخبر الآتي في "تاريخ دمشق" ١/ ٣٥٨ - ٣٥٩ من طريقن ليس فيهما ذكر الرازي.