فقال: عزم عليَّ ابنُ الأشعث، وكانت له فِي عُنقي بيعة، فغضب الحجاج حتَّى وقع طرف ردائه عن مَنكِبه وقال: ألم أقدم مكة فقتلتُ ابنَ الزُّبير، وأخذتُ بيعةَ أهلها وبيعتك، وقدمت الكوفة فأخذتُ بيعةَ أهلها وبيعتك؟ قال: بلى، قال: فرأيتَ لِعَزْمةِ عدو الله ابن الأشعث حقًّا، ولم تره لله ولا لأمير المُؤْمنين ولا لي، فنكثتَ بيعتَين، ووفيتَ لابن الحائك بَيعة؟! وفي البيعتين يقول جرير:[من الكامل]
وقيل: إن الحجاج كان قد وضع إحدى رجليه فِي الرِّكاب فقال: والله لا أضع الأخرى حتَّى تبَوَّأ مَقعدَك من النَّار، فقال: إن القِصاصَ أمامك فاختر لنفسك.
وكان سعيد مُقيَّدًا، فأمر الحجاج بقتله، فبكى ابن لسعيد، فقال له سعيد: ما يُبكيك؟ ما بقاءُ أبيك بعد سبع وخمسين سنة! فضرب عنقه، فاختلط الحجاج من ساعته وجعل يقول: قُيودُنا قيودنا، فظنوه يقول: اقطعوا القيود، فقطعوا القَيدَين من رجلَي سعيد وأخذوا القيود.
[وقال ابن سعد:] لما قال الحجاج: يَا حَرَسِيّ اضرب عُنقه، قال له سعيد: دعني أصلّي ركعتين، فقال الحجاج: لا، إلَّا إِلَى المشرق، فقرأ سعيد: ﴿فَأَينَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ﴾ الآية [البقرة: ١١٥] فلما قُتل نَدَر رأسُه فهَلَّل ثلاثًا.
[وقال أبو نعيم بإسناده إِلَى الحسن قال:] لما أتي بسعيد بن جبير إِلَى الحجاج قال له: ما اسمُك؟ قال: سعيد بن جُبير، قال: بل أَنْتَ الشَّقيُّ بن كُسَير، قال: كانت أمي أعرفَ باسمي منك، قال: ما تقول فِي محمَّد؟ قال: تعني رسول الله ﷺ؟ قال: نعم، قال: سيد ولد آدَمَ المصطفى، خير من بقي وخير من مضى، قال: فما تقول فِي أبي بكر؟ قال: الصدِّيق خليفة رسول الله ﷺ، عاش سعيدًا، ومضى حَميدًا على منهاج نبيّه، لم يُبَدِّل ولم يُغَيِّر، قال: فما تقول فِي عمر؟ قال: الفاروق، خِيرة الله وخيرةُ رسوله، مضى حميدًا على منهاج صاحبيه، قال: فعثمان؟ قال: المقتولُ ظُلمًا، المُجَهِّز جيشَ العُسْرَة، الحافرُ بئرَ رُومة، المشتري بها بيتًا فِي الجنة، صهر رسول الله ﷺ على ابنتيه، قال: ما تقول فِي علي؟ قال: ابن عم الرسول، وأول مَن أسلم، وزوج فاطمة، وأبو الحسن