للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقال ابن سعد أَيضًا بإسناده عن ثابت الثّماليّ قال: سمعت أَبا جعفر قال:] دخل عليُّ بن الحسين الكَنيف ثم خرج فقال: رأيت الذُّباب يَقَعْن على العَذِرات، ثم يَطِرنَ فيقعن على الثّياب، فأردتُ أن أتّخذ ثوبًا للكنَيف، ثم قلت: لا ينبغي لي شيءٌ لا يَسَع النَّاس.

وقيل إنه قال: كيف أصنع شيئًا لم يَصنعْه رسول الله ولا الخلفاء بعده؟! ما كان لهم إلَّا ثوبٌ واحد.

وفي رواية أنَّه قال: أُحدث حَدَثًا فأنا أستغفر الله منه (١).

[قلت: وأصل هذا أن يَسير النَّجاسات مَعْفُوٌّ عنها؛ لأن الاحتِراز عنه غير ممكن، ولهذا قال محمَّد : فإن انتَضح عليه البول مثل رؤوس الإبَر يجب غسلُه؛ لقوله : "استَنزهوا من البَول" من غير فَصْلٍ بين القليل والكثير.] (٢)

وكان يقول: المؤمن مُفَتَّنٌ تَوَّاب، إن الله يحبُّ المؤمن المُذْنِبَ التوَّاب.

[وقال ابن أبي الدُّنيا بإسناده إِلَى عبد الرحمن بن حَفْص القُرشيّ قال:] كان علي بن الحسين إذا توضأ اصْفَرَّ، فيقول له أهلُه: ما هذا الذي يَعتادك عند الوضوء؟ فيقول: تَدرون بين يدي من أُريد أن أقوم؟!

[وروى ابن أبي الدنيا، عن أبي نُوحٍ الأَنْصاريّ قال:] وقع حَريقٌ فِي بيت علي بن الحسين وهو ساجد، فجعلوا يقولون له: يابن رسول الله النّار، يابن رسول الله النّار، فما رفع رأسه حتى أُطفئت، فقيل له: ما الذي ألهاك عنها؟ فقال: النَّار الأخرى.

[وقال سفيان:] جاء رجل إِلَى علي فقال: إن فلانًا آذاك ووقع فيك، قال: فانطلق بنا إليه، فانطلق معه وهو يرى أنَّه سيَنتصر لنفسه، فلما أتاه قال: يَا هذا، إن كان ما قلتَ فيَّ حقًّا فغفر الله لي، وإن كان ما قلتَ باطلًا فغفر الله لك.

وكان بين حَسن بن حسن وبينه بعض الأمر، فجاء حسن إليه وهو مع أصحابه فِي المسجد، فما ترك شيئًا إلَّا قاله له، وعليٌّ ساكت، وانصرف حسن، فلما كان فِي الليل


(١) "طبقات ابن سعد" ٧/ ٢١٣ - ٢١٦، وما بين معكوفين من (ص)، والخبر الأخير من (ص) فإنَّه جاء فِي النسختين (خ - د) مختصرًا.
(٢) ما بين معكوفين من (ص)، ومحمَّد هو ابن الحسن الشَّيبانِيّ. وانظر حاشية ابن عابدين ١/ ٣٢٣.