للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَبا هريرة يقول: قال رسول الله : "مَن أعتق رَقَبةً مؤمنةً أعتق الله بكلِّ إرْبٍ منها إرْبًا منه من النَّار، حتَّى إنه ليُعْتِق باليد اليد، وبالرجل الرجل، وبالفرج الفرج".

فقال علي بن الحسين لسعيد بن مَرْجانة: أَنْتَ سمعتَ هذا من أبي هريرة؟ قال: نعم، فقال لغُلامٍ له أَفْرَهِ غِلمانه: ادع لي مُطَرِّفًا -لغلامٍ لم يكن له مثلُه- فلما وقف بين يديه قال: اذهب فأنت حُرٌّ لوجه الله تعالى. متّفق عليه.

قال عبد الله بن جعفر: وكان عليٌّ قد أُعطي فِي هذا الغلام أَلْف دينار، أو عشرة آلاف درهم.

قلت: ولهذا الحديث استحبَّ العلماء أن يُعتق الذكرُ الذكرَ، والأنثى الأنثى.

[وروى أبو نُعيم، عن صالح بن حسّان قال:] قال رجلٌ لابن المسيّب: ما رأيتُ أحدًا أوْرَعَ من فلان، فقال ابن المسيّب: فهل رأيتَ علي بن الحسين؟ قال: لا، قال: ما رأيتُ أحدًا أوْرَعَ منه (١).

[وروى ابن عائشة، عن أَبيه (٢)، عن طاوس قال:] رأيت علي بن الحسين ساجدًا فِي الحِجْر ويقول: عُبيدُك بفِنائك، مسكينُك بفِنائك، سائلُك بفِنائك، فقيرُك بفِنائك.

قال طاوس: فوالله ما دعوتُ اللهَ بها فِي كَرْبٍ إلَّا وفَرَّجَ عني.

وكان علي يصلي (٣) فِي كل يوم وليلة أَلْف ركعة، ولا يُمكن أحدًا أن يستقيَ له ماءً لوضوئه، ولا يُعينَه عليه.

وكانت الرّيحُ إذا هبَّت عاصفةً يسقط من الخوف مَغشيًّا عليه.

[وروى ابن أبي الدُّنيا، عن عبد الغفّار بن القاسم قال:] خرج علي من المسجد، فلقيَه رجل فسَبَّه، فثار إليه العبيد والموالي، فنهاهم علي وقال للرجل: ما ستر الله


(١) "حلية الأولياء" ٣/ ١٤١.
(٢) فِي (ص): عن عائشة، وهو خطأ، فإن ابن عائشة هو: عبيد الله بن محمَّد بن حفص بن عمر القرشي التيمي، المعروف بابن عائشة لأنه من ولد عائشة بنت طلحة بن عبيد الله، وهو يروي هذا الخبر عن أَبيه عن طاوس، انظر "مجالس ثعلب" ٤٦٢، و"تاريخ دمشق" ٤٩/ ١٠٧، و"المنتظم" ٦/ ٣٢٩.
(٣) فِي (ص): وقال أبو نعيم كان علي يصلي، ولم أقف عليه فِي "الحلية" فِي ترجمته، وهو فِي "تاريخ دمشق" ٤٩/ ١٠٥ من طريق آخر.