للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان لعبد الرحمن أولاد، وكان له خمسةَ عشر بنتًا نوافِق، مرغوبٌ فيهنّ، وفيهن يقول ابن هرمة: [من الطويل]

فمَن لم يُرِدْ مَدحي فإن قَصائدي … نَوافِقُ عند الأكْرَمِينَ سَوام

نَوافقُ عند المُشْتَري الحمدَ بالنَّدى … نِفاقَ بناتِ الحارثِ بنِ هِشامِ (١)

وكان أبو بكر سَيِّدَ ولد عبد الرحمن [قال ابن سعد، عن الواقديّ قال:] كان عبد الملك بن مروان مُكرِمًا لأبي بكر، مُجِلًّا له، وأوصى الوليدَ وسليمان بإكرامه، وكان يقول: إني لَأَهُمُّ بالشيء أفعلُه بأهل المدينة لسوء أثرِهم عندنا، فأذكر أبا بكر بن عبد الرحمن فأستحي منه، فأدَعُ ذلك الأمر.

[وروى ابن سعد، عن عثمان بن محمد قال:] استودع عُروة (٢) أبا بكر مالًا، فأُصيب ذلك المال، فأرسل إليه عُروة بن الزبير: لا ضَمانَ عليك، إنما أنت مُؤْتَمَن، فقال: قد علمتُ ذلك، ولكن لا تتحدَّث قريش أن أمانتي خَرِبت، فباع مالًا وقضاه.

[وقال الموفَّق:] زوَّج المغيرةُ بن عبد الرحمن أخو أبي بكر بن هشام (٣) ابنتَه الحجاج ابنَ يوسف الثقفي، وخَرَقَ له خَوْخَةً من خلْفِ داره يدخل الحجاج منها، فهجره بنو عبد الرحمن كلهم حيث هجره أبو بكر.

ووفد أبو بكر على عبد الملك بن مروان (٤)، فأجلسه معه على سريره، وأقطعه أموال [بني] طلحة بن عُبيد الله، وكان قد سخِط على بعضهم، فلما عاد أبو بكر إلى المدينة أتاه بنو طلحة مسلِّمين عليه، فقال لهم: إن الله قد ردَّ عليكم أموالكم، وما قبلتُها إلا مخافةَ أن تصيرَ إلى غيري، ابعثوا مَن يَقبِضُها، فقال له بنوه: هلا تركتَ القوم حتى يسألوك، فقال: فماذا أبقيتُ عليهم بعد بَذْلِ وجوههم.


(١) "التبيين" ٣٥٩ - ٣٦٠.
(٢) قوله: عروة؛ من "طبقات ابن سعد" ٧/ ٢٠٦ والخبر السالف فيه ٢٠٧، وما بين معكوفين من (ص).
(٣) يعني أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام صاحب الترجمة، وينظر "التبيين" ٣٦١.
(٤) كذا في النسخ، وفي "تاريخ دمشق" ٢٨/ ١٥٠ - (المختصر) وما سيرد بين معكوفين منه- أنه وفد على الوليد بن عبد الملك، قال ابن عساكر: وأنا أستبعد ذلك -يعني وفادته- لأنه كان ضرير البصر، والمحفوظ أن دخوله عليه كان بالمدينة عام حج الوليد بعدما استخلف.