للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: بل أنا القائل: [من الطويل]

أخافُ من الحجاج ما لستُ خائفًا … من الأَسَدِ العرباض لم يَنْههُ ذُعْرُ

أخافُ يديه أن تنالا مَفاصِلي … بأبيضَ عَضْبٍ ليس من دونه سِتْرُ

حديث قتيبة بن مسلم مع الرجل الذي أراد الحجاج قتله:

[حكاه المدائنيّ والقاضي التَّنوخي في كتاب "الفرج بعد الشدّة" كلاهما عن أبي عُبيدة مَعمر، إلا أن المدائني ذكر أن الذي كفل الرجل عَنْبَسةُ بن سعيد، والتنوخي قال: كفله قُتيبة بن مُسلم، قالوا:] أُتي الحجاج بقومٍ كانوا ممَن خرج عليه فقتلهم، وأقيمت الصلاة، وبقي واحد منهم، فقال الحجاج لقُتيبة بن مُسلم: انصرف بهذا إلى غد، واغْدُ به عليّ.

قال قتيبة: فخرجتُ به، فلما كنا ببعض الطريق قال: هل لك في خير؟ قلت: وما هو؟ قال: عندي ودائعُ للناس وأموال، ووالله ما خرجتُ على الحجاج ولا على غيره، ولا أستحلُّ دمَ مسلم ولا ماله، فإن رأيتَ أن تَمُنَ على حتى أذهبَ، وأدفعَ الودائعَ إلى أربابها، ولله عليَّ أن أرجع إليك من الغد، قال: فلم أكلّمه تعجُّبًا منه، فأعاد عليّ القول فقلت: اذهب، فلما توارى عني شَخصُه ندمتُ، وبتُّ بليلةٍ طويلة، فلما كان من الغد وإذا بالرجل قد أقبل، فقلت له: جئت؟! فقال: سبحان الله، جعلتُ الله بيني وبينك كفيلًا ولا أرجع؟!

فانطلقتُ به إلى الحجاج فقال: وأين أسيرُنا؟ فأخبرتُه بالقصة فقال: أوَتحبُّ أن أَهبه لك؟ قلت: نعم، فقال: خذه، قال: فخرجتُ فأخبرتُه، فرفع طَرفَه إلى السماء وقال: الحمد لله، ومضى ولم يكلِّمني كلمة، فقلت: هذا مجنون، فلما كان من الغد أتاني وقال: والله ما جهلتُ ما صنعتَ معي، ولكني كرهتُ أن أشرك في حمد الله أحدًا، قال: فقلت له: فبذلك نَجوتَ (١).


(١) "الفرج بعد الشدة" ٤/ ١٢١ - ١٢٣ وفيه رواية المدائني.