للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حديث الحجاج مع الأعرابي:

[حكى المدائني قال:] خرج الحجاج يتصيَّدُ ظاهرَ الكوفة [وقال أبو عمرو الشيباني: ظاهر المدينة] فوقف على أعرابى يرعى إبلًا، فقال له: كيف سيرةُ أميركم؟ فقال: ظَلوم غَشوم، قال: فهلا شكيتموه (١) إلى عبد الملك؟ فقال: هو أغشَمُ منه وأظلم، فعليهما لعنة الله.

قال: وتلاحق أصحاب الحجاج، فقال: من هذا؟ قالوا: الأمير، فناداه الأعرابي: أيها الأمير، السرُّ الذي بيني وبينك ما أحبُّ أن يَطَّلع عليه أحد، فضحك الحجاج وقال: لا، ولم يَعرِض له.

جلس الحجاج يومًا على المائدة يأكل ومعه محمد بن عُمير بن عُطارد بن حاجب بن زُرارة التَّميمي وحجار بن أَبْجر العجليّ، فأقبل في وسط الطعام على محمد بن عُمير وقال له: يا محمد، يدعوك قُتيبة بن مُسلم إلى نُصرتي يوم رستقباذ فتقول: لا ناقةَ لي فيها ولا جَمَل! يا حَرَسِيّ، خذ بيده فاضرب عُنقه، فجرَّد الحرسيُّ سيفَه، وجذب بيد محمد فأقامه.

وحانت من الحجاج التفاتة إلى حجار بن أبجر فرآه يتبسّم، فدخلت الحجاجَ العصبيَّةُ، وكان مكان حجار من ربيعة مثل مكان محمد من مُضَر، فأمر بردّ محمد إلى المائدة، وقال للحرسي: شِمَّ سيفَك. وأتى الخبَّاز بفُرْنِيّة، فقال الحجاج للخبّاز: ضعها بين يدي محمد فإن اللبن يعجبه (٢).

أخبار متفرقة من أخبار الحجاج:

[روى الشعبي أنه قال:] أذنب رجل فطلبه الحجاج فهرب، فجاء إخوته فقالوا: ﴿يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: ٧٨]، فقال الحجاج: ﴿مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إلا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ﴾ [يوسف: ٧٩].


(١) كذا في النسخ، وفي "العقد" ٣/ ٤٧٧: شكوتموه، وهو الجادة.
(٢) "الفرج بعد الشدة" ٤/ ١٢٣ - ١٢٤. وقوله: شِمَّ سيفَك، أي: أغْمِدهُ.