للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجيء بجماعة فقتل أكثرهم، فقال له واحد منهم: أيها الأمير، إن كنا أسأنا في الذَّنب؛ فما أحسنتَ في العفو، فعفا عن الباقين (١).

[وقال أبو العَيناء:] أخذ الحجاج أعرابيًّا قد جنى، فأمر بضَرْبه، فلما ضُرب السَّوط الأول قال: الشكر لله، فضربه سبع مئة سوط، فلما أطلقه لقي أعرابيًّا آخر، فحكى له ما جرى عليه فقال: تدري لمَ ضربك سبع مئة سوط؟ قال: لا، قال: لأنك شكرتَ الله في أول سوط، وقد قال الله: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ (٢) [إبراهيم: ٧].

وكتب إليه قتيبة يشكو ما حلّ بالبلاد من شدَّةِ القَحطِ والجَراد، فكتب إليه: إذا أَزِف خراجُك فانظر لرعيّتك في مصالحها، فبيتُ المال أشدُّ اضطلاعًا بذلك من الأرملة واليتيم وصاحب العيال، ولا تُخاطر بالمسلمين في عبور النهر، حتى ترى موضعَ قدمك، ومَرمى سَهْمك، ومُرْ عسكرك بتلاوة القرآن؛ فهو أمنع لحصونك (٣).

[وحكى العُتبيّ قال: كان الحجاج يقول:] لو أدركتُ أربعة نَفَر لتقرَّبتُ إلى الله بدمائهم، قيل: ومَن هم؟ قال: مُقاتل بن مِسْمَع والي سجستان؛ أتاه الناس فأعطاهم الأموال، فلما قدم البصرة بسط له الناسُ أردِيَتَهم [فمشى عليها] فقال: لمثل هذا فليعمل العاملون.

وعُبيد الله بن ظَبيان (٤)، قام خطيبًا فأوجز، فصاح به الناس من جوانب المسجد كثَّر الله فينا أمثالك، فقال: لقد سألتم الله شَطَطا.

ومَعْبَد بن زُرارة، رأته امرأة في الطريق فقالت له: يا عبد الله، أين الطريق إلى مكان كذا؟ فغضب وقال: ألمثلي يقال: يا عبد الله؟!


(١) الخبر في "الفرج بعد الشدة" ٤/ ١٢١.
(٢) "العقد الفريد" ٣/ ٤٧٩. وما بين معكوفين من (ص).
(٣) في "العقد" ٤/ ٢١٨: من حصونك.
(٤) في (خ) و (د): وعبد الله بن حلتان، والمثبت من (ص) و"العقد" ٢/ ٣٥٣ و ٥/ ٥٢ - ٥٣.