للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وأبو سليمان الحنفي: أضلَّ ناقته فقال: لئن لم تردَّها عليّ لا صليت لك أبدًا، فلما وجدها قال: علم أن يميني كانت صِرَّى (١)].

قال راوي الحكاية: قبَّح الله الحجاج، لقد ارتكب ما هو أقبح من هذا.

[وقال أبو اليقظان:] كتب إليه محبوس رقْعةً يذكر فيها أنه قد تاب، فكتب عليها: ﴿مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ﴾ [التوبة: ٩١].

[وقال هشام:] لما أُتي الحجاج بامرأة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث قال لها: يا عدوّة الله، أين مال الله الذي جعلتِهِ تحت ذَيلك؟ [فبكت] فقال لها حرسي: ويلك، أخرجي مال الله الذي جعلتِهِ تحت اسْتِك، فقال له الحجاج: قاتلك الله، ما قلنا كذا، أطلقها، وخلى سبيلها (٢).

وقال الشعبي: كنت عنده فدخل الحاجب فقال: بالباب رُسُل، فأذِن لهم، فدخل قوم من بني سُلَيم، يَقدمهم شَبابة بن عاصم، فقال: من أين؟ قال: من الشام، قال: هل وراءك من غَيث؟ قال: نعم، أصابتنا دون الأمير سحائب، فقال: صِف لنا كيف كان وَقعُ المطر وتباشيره، فقال: أصابتنا سحابةٌ لبدَت الدِّماث، وأسالت العَزاز، وأدحَضَت التِّلاع (٣)، وصَدَعت عن الكَمأة أماكنَها، وأصابتنا سحابةٌ ملأت الأخاديد، وأفعَمت الأوديةَ، وجئناك في مثل وجار الضَّبُع.

ثم دخل رجل من أهل اليمامة فقال له: هل وراءك من غيث؟ قال: نعم، قال: صفه، قال: سمعتُ الرُّوَّاد يقولون: هلمّوا ظُعنَكم إلى محلَّةٍ تَطفأ فيها النّيران، وتَشَكَّى منها النساء، وتتنافس فيها المِعزى، فلم يدر الحجاج ما قال، فقال: إنك لتُحدِّث أهلَ الشام فأفهِم، قال: نعم، أخصب الناسُ فكثر الزبد والسَّمن واللّبن والتمر، فلا توقد نار يُختَبَز بها، وأما تشكِّي النساء؛ فإن المرأة تَمْخَصُ لَبَنها، فتبيتُ ولها أنينٌ من


(١) في (ص) (والكلام منها): ضرارًا، وهو تصحيف، وذكره ابن الأثير في "النهاية" (صرا) ٣/ ٢٨ عن أبي سمَّال الأسديّ، وفي "العقد الفريد" ٥/ ٥٣: بَرَّة، والخبر فيه عن أبي سماك.
(٢) "العقد" ٥/ ١٦، ٣١ وما بين معكوفين من (ص).
(٣) في (خ) و (د): سحابة لينت الرمات وأسالت الفرات، وليس الخبر في (ص)، والمثبت من "العقد الفريد" ٥/ ٣٤. قوله الدماث: الأرض السهلة، والعزاز: الأرض الصلبة.