دُرَّة، والأخرى مقبوضة، فأمر بها الوليد ففُتحت، فإذا فيها حبَّةُ قمح وحبة شعير، فقال الوليد: لو تُركت على حالها لم يُسوِّس قمح ولا شعير في هذه المدينة.
وقال ابن خُرداذبة في كتاب "المسالك والممالك": وبدمشق مسجد ليس في الإسلام مثله ولا أحسن منه، كان مصلّى الصَّابئة، ثم صار إلى اليونان، ثم إلى اليهود، ثم إلى عَبَدة الأوثان، فقُتل فيه يحيى بن زكريا، ثم غلبت عليهم النصارى، فصار في أيديهم كنيسةً يُعظّمونها حتى جاء الإسلام، فصار للمسلمين مسجدًا، فلما كان في أيام الوليد بن عبد الملك عمره، فجعل أرضه مَفْروشة رخامًا، وجدرانه رخامًا مُجَزّعًا، وأساطينه رخامًا مُوَشًّى، ومعاقِدَ رؤوس أساطينه ذهبًا، ومحرابه مُرَصَّعًا بالجواهر، وسطحُه معمول بالرصاص، ويقال: إنه أنفق عليه خراج الشام خمس سنين.
وقال الوليد بن مسلم: وكان سليمان بن عبد الملك يتولَّى عِمارته، فكمل في تسع سنين، وغرم عليه أربع مئة صندوق، في كل صندوق أربعون ألف دينار، وقيل: في كل صندوق أربعة عشر ألف دينار، وقيل: ثمانية وعشرون ألف دينار، وأكل صُنّاعُه بقلًا وخلًا بعشرة آلاف دينار.
[وحكى الحافظ ابن عساكر:] قال إبراهيم بن هشام: رخامتا المقام، يعني المحراب، من عرش بلقيس، وكان في الجامع اثنا عشر ألف مُرَخّم (١).
وقال الوليد بن مسلم: غرم على المحراب خمسون ألف دينار، وفي رواية: سبعون ألفًا، وعلى قبة النَّسر مئتا ألف دينار.
ولما سقفوه بالرصاص بقي في القُبَّة مكانُ لوح، فلم يقدروا عليه، فقيل هو عند امرأة فقيرة، فطُلب منها فقالت: ما أَبيعه إلا بوزنه ذهبًا، فقال الوليد: أعطوها، فلما قبضت المال دفعت إليهم اللوح وردَّت المال، فقيل لها في ذلك فقالت: الجواب بحضرة أمير المؤمنين، فأُخبر الوليد، فأمر بإحضارها فحضرت، فقال: لم رَدَدْتِ المال؟ فقالت: ظننت أنك تظلم الناس في عمارة المسجد، فلما رأيت إنصافَك أردتُ