وقال رجل من العَجَم من أهل خراسان لما قُتل قتيبة: يا معشر العرب، قتلتم قتيبة؟! والله لو كان منا فمات فينا لجعلناه في تابوت، واستفتحنا به غزونا، واستسقينا به إذا قُحِطنا.
وقال الإصبهبذ لرجل: يا معاشر العرب، قتلتم قتيبة ويزيد وهما سيّدا العرب؟! فقال: فأيُّهما كان أعظم عندكم وأهيب؟ قال: لو كان قتيبة بأقصى جُحْرٍ بالمغرب مُكبَّلًا بالحديد، ويزيد معنا والٍ علينا؛ لكان قتيبة أعظم هيبةً في صدورنا من يزيد.
وقال الفرزدق من أبيات: [من الطويل]
أتاني ورَحْلي بالمدينة وَقعَةٌ … لآل تميمٍ أقعدتْ كلَّ قائم
وقال الطِّرِمَّاح في هذه الوقعة: [من الكامل]
لولا فوارسُ مَذْحِجَ ابنةَ مَذْحِجٍ … والأزْدِ زُعزعَ واستُبيحَ العَسْكَرُ
وتقطَّعتْ بهم البلادُ ولم يَؤُب … منهم إلى أهلِ العراق مُخَبِّرُ
واستَطْلَقَتْ عُقَدُ الجماعةِ وازدُري … أمرُ الخليفة واستُحِلَّ المنكَرُ
قومٌ هم قتلوا قتيبةَ عَنْوةً … والخيلُ جانحةٌ عليها العِثْيَرُ
بالمَرْجِ مرجِ الصّين حيث تَبيَّنَتْ … مُضَرُ العراق مَن الأعزُّ الأكثَرُ
إذ حَالفتْ جَزَعًا ربيعةُ كلُّها … وتفرَّقَتْ مُضَرٌ ومَن يَتَمَضَّرُ
وتقدَّمتْ أزدُ العِراق ومَذْحِجٌ … للموت يَجمعها أبوها الأكبرُ
فبعِزِّنا نُصِرَ النبيُّ محمدٌ … وبنا تَثَبَّتَ في دمشقَ المِنبرُ
قحطانُ تضربُ رأسَ كلِّ غَضَنْفَرٍ … بالسَّيف يَقدَمُهنَّ موت أحمرُ (١)
ذكر أولاد قُتيبة:
وهم سَلْم، وإبراهيم، وقَطَن، وكثير، والحجاج، وعبد الرحمن، ومسلم، ويوسف، وعمرو.
فأما سَلْم فولي البصرة مرتين؛ مرةً لابن هُبَيرة، ومرةً لأبي جعفر المنصور، وكان سيّدَ قومه، ومات بالرّي، وكنيته أبو قتيبة، وكان له أولاد: سعيد، وإبراهيم، وقطن، و [عمرو] بنو سَلْم.
(١) "تاريخ الطبري" ٦/ ٥١٩ - ٥٢١، و"ديوان الطرماح" ٢٤٨ - ٢٥٢.