للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوليد يُحبّه فأحسن تأديبَه، وكان في عزمه توليته الخلافة، وإنما مال إلى عبد العزيز لأجل أمه أُمّ البَنين.

وقال هشام: وفي سنة ثمان وثمانين كانت وقعة عظيمة للعباس ولمسلمة بن عبد الملك يوم الطُّوانة، قتل العباس بضعة وثمانين ألفًا من الرّوم (١)، وأسر أبناء الملوك والبَطارقة، فبلغت سُهمان المسلمين: مئة دينار، مئة دينار، وفي سنة تسعين بلغ العباس أَرْزَن من بلاد الروم وفي سنة ثلاث وتسعين افتتح طُوَيس، والمرزبانين، ودَلَسَه، وكَاشْتَه، ودمنقة، ودُرْدُور، وله وقائع عظيمة.

وكان شاعرًا، فلما أراد يزيد بن الوليد خلع الوليد بن يزيد لفساده (٢) قال من أبيات:

يا قومَنا لا تَمَلُّوا نِعمةً لكم … إن الإله لكم فيما مضى صَنعُ

إن الكبير عليكم في ولايتكم … أن تُصْبِحوا وعَمودُ الذين مُنْصَدِع

فانفوا عدوَّكم عن نَحْتِ أَثْلَتكم … واستجمِعوا إن أمر الدِّين مُجتَمِعُ

لا تُلْحِمُنَ ذئابَ الناسِ أنفسَكم … إن الذئاب إذا ما أُلْحِمَتْ رَتَعوا

مات العباس بحبس مروان بن محمد الجَعْدِيّ بَحرَّان، وأرسل الحديث عن معاذ بن جبل ، وروى عنه مَكْحُول الشاميّ.

وأما عبد العزيز بن الوليد فكنيته أبو الأصبغ، وقيل: أبو مروان.

[وقال المدائني:] كان عبد العزيز سيِّد ولد الوليد، وأراد الوليد أن يُبايع له ويخلع سليمان، فمات الوليد [وقد ذكرناه].

وزوّجه الوليد أم أيوب بنت سليمان أخيه، فماتت عنده، فلما ولي سليمان تلقّاه عبد العزيز، فقال له سليمان: دفنتَ أم أيوب ثم جئتني؟ فقال عبد العزيز: مصيبتي بها أعظم.

ولم يزل طامعًا في الخلافة يُحدِّث نفسه بها حتى مات سليمان، وكان بالرَّمْلة، فجمع الجيوش، وعقد الألوية، وسار إلى دمشق، فلما وصل طبرية قيل له: إن خالك


(١) في "تاريخ دمشق" ٣٢/ ٢٧٤: وقتل منهم بضعة وثلاثين ألفًا.
(٢) في "تاريخ دمشق" ٣٢/ ٢٧٥ أن الذي هم بخلع الوليد بن يزيد: هشام بن عبد الملك، وفي "تاريخ الطبري" ٧/ ٢٣٩، و "أنساب الأشراف" ٧/ ٥٢١ أنه بشر بن الوليد.