للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمر بن عبد العزيز قد استخلف، فحلَّ ألويتَه، وقدم دمشق فبايع، فقال له عمر : يا عبد العزيز، أردتَ أن تَشُق عصا المسلمين، وتضرب بعضهم ببعض، لقد كنتُ أرْبَأ بك عن هذا الرأي، فقال: يا أمير المؤمنين، الحمد لله الذي استنقذني بك، والله لولا مكانُك ما ملكها أحد غيري، فقال له عمر : يا ابن أخي، لو قصتَ بها ما نازعتُك، ولقعدت في بيتي، فقال له عبد العزيز: أنت والله أحقّ بها مني ومن غيري.

وكان الوليد بن عبد الملك يقول: سيّدنا عبد العزيز، وفارسنا العباس، وفتانا بشر، وفحلُنا عمر.

وقال أبو مُسْهِر: لو وُزن عبد العزيز ببني مروان لرجحهم.

وكان مُمَدَّحًا، وفيه يقول الشاعر: [من الطويل]

وأنت ابنُ ليلى الخيرِ خيرِ ظَعينةٍ … وليلى عَديٍّ لم تلِدْك الزَّعانِفُ (١)

وأم عبد العزيز: أم البنين، واسمها ليلى، وأمها ليلى من بني عَديّ، وأمها ليلى بنت سُهيل بن عامر بن كِلاب.

وكان الوليد قد ضَمَّه إلى أبي عُبيدة محمد بن عمار بن ياسر (٢)، وولَّى عبد العزيز دمشق، وكانت داره بها في موضع فندق الخشب الكبير، وله عقب [بمرج دمشق بمكان يقال له: الجامع] (٣).

وفي سنة ثلاث وتسعين غزا الروم حتى بلغ غزالة، وحجّ بالناس في هذه السنة (٤).

وكان أعقَلَ بني أمية، ولما ولي دمشق كان شابًّا قال الناس: إنه حَدَثٌ غِرٌّ لا عِلْمَ له بالأمور، فجاء إليه شخص فقال: عندي نصيحة، قال: ما هذه النصيحة من غير يَدٍ سبقت مني إليك؟! قال: لي جارٌ عاصٍ متخلِّفٌ عن الغزو، فقال: والله ما اتَّقيتَ ربَّك، ولا أكرمتَ أميرَك، ولا حفظتَ جِوارك، فإن شئتَ نظرنا فيما تقول، فإن كنتَ


(١) "أنساب الأشراف" ٧/ ١٠.
(٢) في (ص): وقال ابن عساكر: كان الوليد قد ضم عبد العزيز … ، وهذا الخبر ليس في "تاريخ دمشق" في ترجمة عبد العزيز ٤٣/ ٣٤ - ٣٩، وهو في "أنساب الأشراف" ٧/ ١١.
(٣) "تاريخ دمشق" ٤٣/ ٣٤، وما بين معكوفين من (ص).
(٤) في "تاريخ دمشق" ٤٣/ ٣٧ أنه حج في سنة ثلاث وتسعين، وغزا الروم في سنة أربع وتسعين.