للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صادقًا لم ينفعك ذلك عندنا، وإن كنت كاذبًا عاقبناك، وإن شئتَ أقلْناك، قال: أقِلْني، فقال عبد العزيز: يا أهل دمشق، ما أعظم ما جاء به هذا الفاسق، إن السِّعاية أحسبها منه سجِيَّة، ولولا أنه لا ينبغي للوالي أن يعاقب قبل أن يعاتب لكان لي في ذلك رأي، فلا يأتيني أحد منكم بسِعاية، فإن الصادق فيها فاسق، والكاذب بَهَّات.

وبلغ هذا الكلام عبد الله بن داود فقال: ما أشبه هذا الكلام بكلام عمر بن عبد العزيز! فقيل له: إنه خاله.

ومات عبد العزيز في خلافة هشام بن عبد الملك، خرج وهو مريض إلى ظاهر دمشق، إلى منزل كان ينزله، ومعه حجر بن عقيل الرِّياحي، فأنشد حجر: [من الطويل]

وما أخرجَتْنا رغبةٌ من بلادنا … ولكنَّ ما قد قَدَّر الله كائِنُ

لحَينِ نُفوسٍ لم تجدْ مُتَأخِّرًا … فلا تَبعدنْ تلك النفوسُ الحَوائنُ (١)

فمات عبد العزيز في ذلك المنزل، فقال رجل من كَلْب يرثيه (٢): [من البسيط]

أقول للرَّكْبِ إذ عاجُوا مَطِيَّهُم … هل كان من حَدَثٍ أو جاءكم خَبَرُ

قالوا نعم كلُّنا نَبكي لصاحبه … يُمسي ويُصبح ورْدًا ماله صَدَرُ

ماتَ الكريمُ أبو مروانَ خيرُ فَتًى … زَينُ العَشيرة قد حَلَّتْ به الغِيَرُ

وكان لعبد العزيز من الولد: عتيق، وعبد الملك، وأمهما من ولد أبي بكر الصديق رضوان الله عليه.

وأما محمد بن الوليد فأمه أم البنين أيضًا.

[وقال ابن عساكر:] وله آثار بدمشق منها المحمديات؛ فوق الأرزة ودير محمد عند المنيحة من إقليم بيت الآبار، وتزوج محمد هذا ابنة عمه يزيد بن عبد الملك (٣).

وأما يزيد الناقص وإبراهيم فسنذكرهما فيما بعد.


(١) "أنساب الأشراف" ٧/ ١١.
(٢) الأبيات في "تاريخ دمشق" ٤٣/ ٣٠٣ في رثاء عبد الملك بن الوليد بن عبد الملك.
(٣) "تاريخ دمشق" ١٦/ ٩١ (مخطوط).