للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان الحجاج قبل أن يموت قد جهَّز أمواله وأثقاله إلى الشام إلى البَلْقاء، وكان فيهم أم الحجاج بنت محمد بن يوسف أخي الحجاج، وكانت امرأة يزيد بن عبد الملك بن مروان، وهي أم الوليد بن يزيد المقتول، فأرسل يزيد بن المهلب أخاه عبد الملك، فاستولى على أموال الحجاج وأثقاله، وعَذَّب أمَّ الحجاج بأمر يزيد بن المهلَّب، وقيل: إنما عذّبها يزيد بن المهلَّب، فقال له يزيد بن عبد الملك بن مروان: أما علمتَ بأنها زوجتي وجميع ما تَطلب من المال عليّ، فلم يشفعه فيها، فقال يزيد بن عبد الملك: يا بن المهلّب، والله لئن صار إليَّ من هذا الأمر شيء لأقطعنّ منك طابقًا، فقال له ابن المهلب: لئن كان ذلك لأَرمِيَنَّك بمئة ألف عَنان.

وقيل: إن يزيد بن عبد الملك حمل إلى أخيه سليمان مئة ألف دينار عنها.

وقيل: إن التي عُذِّبت أخت أمّ الحجاج لا أم الحجاج (١).

[وفيها] حجّ بالناس سليمان بن عبد الملك، ولما صَدَر من الحج عزل طلحة بن داود الحَضْرمي عن مكة -وكانت ولايته عليها ستة أشهر- وولّى عليها عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أَسيد بن أبي العِيص بن أمية.

[قال الشعبي:] ولما كان سليمان بالمَسْعى نظر إلى كثرة الخلق فعجب، فقال لعمر بن عبد العزيز: يا أبا حَفْص، ألا ترى إلى هذا الخلق الذي لا يُحصي عددَهم إلا الله، ولا يَسع رزقَهم غيره؟ فقال له عمر: هم اليوم رَعيَّتُك، وغدًا خصماؤك، فبكى سليمان وقال: استعنتُ بالله.

وقال الزهري: أشرف سليمان من عقبة عُسفان، فأعجبه ما رأى من كثرة الناس وعسكره وأبنيته، فقال لعمر: كيف ترى ما ها هنا؟ فقال له عمر : أرى دنيا تأكل بعضها بعضًا، وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها، فاسترجع سليمان، وكف عما كان فيه (٢).


(١) "أنساب الأشراف" ٧/ ٢٣١ - ٢٣٢.
(٢) في (ص): ولهى عما كان.