للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقدم يزيد مرو بعد مقتل قتيبة بتسعة أشهر أو عشرة أشهر، ولما نزل يزيد مرو؛ أدنى أهل الشام وقومًا من أهل خراسان، فقال نَهار بنُ تَوسِعَة (١): [من الوافر]

وما كنَّا نُؤَمِّل من أميرٍ … كما كنا نُؤمِّل من يزيد

فأخطأ ظَنُّنَا فيه وقِدْمًا … زَهِدْنا في معاشَرة الزَّهيدِ

إذا لم يُعطنا نَصَفًا أميرٌ … مَشَينا نحوه مشْيَ الأسودِ

فمهلًا يا يزيدُ أنِبْ إلينا … ودَعْنا من مُعاشَرةِ العبيدِ

نجيءُ فلا نرى إلا صُدودًا … على أنَّا نُسَلِّمُ من بعيدِ

ونرجعُ خائبينَ بلا نَوالٍ … فما بالُ التَّجَهُّمِ والصُّدودِ

ونَهار بن تَوْسِعَة من شعراء الحماسة، وهو القائل من أبيات: [من الكامل]

وفَقَدتُ إخواني الذين بعَيشِهم … قد كنتُ أُعطي مَن أشاءُ وأَمنَعُ

فلمن أقول إذا تُلِمُّ مُلِمَّةٌ … أرني برأيك أم إلى مَن أَفزعُ

فليَأتينَّ عليك يوم مرةً … يُبكى عليك مُقَنَّعًا لا تَسمعُ (٢)

ووصل يزيد عبد الله السَّلولي بمال فقال: [من الكامل]

ما زال سَيبُك يا يزيد يَجُودُني … حتى ارتَويتُ وجُودُكم لا يُنْكَرُ (٣)

أنت الربيع إذا تكون خَصاصةٌ … عاش السَّقيمُ به وراشَ المُقْتِرُ

عَمَّتْ سَحَائبُه جميعَ بلادِكم … فَرَوَوْا وأغْدَقَهم سَحابٌ مُمْطِرُ

فسَقاك ربُّك حيث كنتَ مَخِيلَةٌ … ريًّا سَحائبُها تَروحُ وتُبْكِرُ

قال الواقدي: وفيها جمع يزيد بن المهلَّب لسليمان بن عبد الملك من آل الحجاج أموالًا عظيمة، وعذَّب الحكم بن أيوب بن الحكم بن أبي عَقيل زوج أخت الحجاج، حتى مات تحت العقوبة، وكان الحكم قد عذب آل المهلَّب واستصفى أموالهم بأمر الحجاج، فأخذ منهم ستة آلاف ألف درهم، وعذّب يزيد يوسف بن عمر، ثم هرب يوسف.


(١) "تاريخ الطبري" ٦/ ٢٥٨.
(٢) "شرح ديوان الحماسة" للمرزوقي ٩٥٣ - ٩٥٤.
(٣) في النسخ: لا يتكدر، والمثبت من الطبري ٦/ ٥٢٩.