للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا إبراهيم بن سليمان فإنَّه عاش إلى أيَّام بني العباس، وله قصة عجيبة حكاها الزُّبير، وذكرها ابن عساكر، قال (١):

لما أفضت الخلافة إلى بني العباس اختفى رجال من بني أميَّة، منهم إبراهيم بن سليمان، حتَّى أخذ له داود بن علي أمانًا من أبي العباس، فقال له يومًا أبو العباس: حدّثني بما مَرَّ عليك في اختفائك، فقال: كنت مطلوبًا دون أهلي، فكنت أدور البلاد حتَّى دخلت الكوفة، فقصدتُ خرابها، فأفضيتُ إلى رَحْبةٍ واسعة، ودار عالية، وعلى بابها رجلٌ له هيبة وغلمان، فسلَّمتُ عليه وقلبي خائف، فقال: ادخل فأنت آمن، فدخلتُ، فأفرد لي دارًا عند حُرَمه، وأقام بي أحسن القيام، فأقمتُ عنده حَولًا لا يسألني عن شيء، وكان كلّ يوم يركب ويعود وهو مُتَلَهِّف، فقلت له يومًا: ما لي أراك قلقًا؟ فقال. إن إبراهيم بن سليمان قتل أبي، وقد أباح الخليفة دمه، وجعل لمن يأتي به مئة ألف درهم، وأنا كلّ يوم أركب وأُفتِّش الخراب عليه، وقد أُخبرت أنَّه فيه، قال: فعجبت من كوني في منزله وهو يريد قتلي منذ سنة ولا يعلم غريمه! فقلت: ما اسم أبيك؟ قال: فلان، فقلت: إنه قد وجب عليّ حَقُّك، ومن حَقِّك أن أُقَرِّب خُطاك، قال: وكيف؟ قلت: أنا قاتل أبيك، وأنا إبراهيم بن سليمان، فخذ بثأرك مني، فنظر إلي وقال: أحسب أن الاختفاء قد أضرَّ بك فاخترتَ الموت، فقلت: لا والله، فأنا قتلتُه في اليوم الفلاني بسبب كذا وكذا، فلما علم أني قاتلُه أطرق مفكرًا، واحمَرَّت عيناه ووجهه، ثم رفع رأسه وقال: أما أنت فستلقى ربك، وأبي فيأخذ له بحقِّه منك، وأما أنا فلا أُخفِر ذِمامي، فأخرج فلستُ آمَنُ نفسي عليك بعدها، فخرجتُ وأتبعني بألف دينار وقال: أنت ابنُ نِعمة فاستعن بها على طُرُقك، فلم أقبلها، فهذا أكرم مَن رأيت (٢).


(١) في (ص): وفيها أن لسليمان ابن يقال له إبراهيم له قصة عجيبة حكاها الزُّبير بن بكار وذكرها أبو القاسم الدّمشقيُّ قال.
(٢) "تاريخ دمشق" ٢/ ٤٣٦ (مخطوط)، وجاء بعد هذا في (ص): انتهت ترجمته والله أعلم، السنة المئة من الهجرة.