للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أقبل الثَّاني ومعه عبدان على رؤوسهما كارتان (١)، فحطّهما بين يدي، وإذا بها حليُّ نسائه وبناته، وقال له الغلام: والله يا أَبَة ما أبقينَ لهنّ من الحلي إلَّا ما بين يديك.

وجاء الغلام الثالث ومعه غلامان معهما من فاخر ثيابه، فوضع الجميع بين يدي وقال: يا أبا إسحاق، إنِّي لمُعْتَذرٌ إليك من قلَّة ما حَبَوتُك به؛ مع بعد الشُّقَّةِ، وطول العهد، وسعةِ الأمل، وقد جئتَنا في آخر السنة، وقد تقسَّمت أموالنا الحقوقُ، ونسفتها (٢) أيدي المؤمِّلين، فلم يبقَ إلَّا هذه الصُّبابة (٣)، فآثرناك بها على أنفُسنا، واستقللناها لك.

ثم نظر إلى ناقتي وقد ضَعُفَتْ فقال: يا غلام، ناقتي الفلانية فجاء بها، وهي والله أحبُّ إلي مما أعطاني، ووهب لي عبدين يخدماني. أفتلومني على مدحي إياه؟ فقال الرجل الذي سأله: والله إن هذا المدح استتر في جنب ما ذكرت (٤).

وقال الزُّبير: ولَّى مروانُ بنُ محمد عبدَ الواحد مكّة والمدينة والطائف، فلما زالت أيَّام بني أميَّة قتله صالح بن عليّ بن عبد الله بن عباس، وأخذ ماله، وله بالشام عَقِب (٥).

وأمَّا يزيد بن سليمان فكان سيِّدَ ولد أبيه، وكان ينزل فلسطين، فلما قُتل الوليد بن يزيد أراده أهل فلسطين على البيعة بالخلافة، فلم يتمَّ له الأمر، فبعث إليه يزيد بن الوليد مَن ضمن له ما أراد، فأجابه وبايعه (٦).

وقال الزُّبير: يزيد والقاسم وسعيد بنو سليمان، أمهم أمُّ يزيد بنت عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، مات سعيد بن سليمان صغيرًا (٧).


(١) الكارة: ما يجمع ويشد ويحمل على الظهر من طعام وثياب.
(٢) في المصادر: ونهبتها.
(٣) البقية من كل شيء.
(٤) "الأغاني" ٦/ ١٠٧ - ١١٠، و "الفرج بعد الشدة" ٣/ ١٦ - ١٨، و "تاريخ دمشق" ٤١/ ٦، وانظر ديوان ٩٠ - ٩١.
(٥) "نسب قريش" ١٦٦، و "تاريخ دمشق" ٣/ ٤١.
(٦) "تاريخ دمشق" ١٨/ ٢٩٠ (مخطوط).
(٧) "نسب قريش" ١٦٥.