للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الشيخ أبو الفرج بن الجوزي: مات صبيًّا في حياة والده، ولم يتيقّن مقدار عمره.

وقال ابن أبي الدنيا: دخل عمر على ولده عبد الملك في مرضه الذي مات فيه فقال: يا بني، كيف تجدك؟ فقال: في الموت، فقال: يا بني، لأنَّ تكون في ميزاني أحبُّ إليَّ من أن أكون في ميزانك، فقال: يا أبه، لأنَّ يكون ما تُحبّ أحبُّ إليَّ من أن يكون ما أحب.

قال الإمام أحمد بن حنبل : حدَّثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: حدثني زياد بن أبي حسَّان أنَّه شهد عمر بن عبد العزيز حين دفن ابنه عبد الملك، فاستوى قائمًا، وأحاط به النَّاس فقال: يا بُنيّ، لقد كنتَ والله بارًّا بأبيك، والله ما زلتُ منذ وَهَبك الله لي مَسرورًا بك، ولا والله ما كنتُ قط أشدّ سرورًا، ولا أرجى لحظِّي من الله فيك مُذْ وضعتك في هذا المنزل الذي صيرك الله إليه، فرحمك الله، وغفر لك ذنبك، وجزاك بأحسن عملك، ورحم كلّ شافعٍ يشفع لك بخير من كل شاهدٍ وغائب، رضينا بقضاء الله وسلَّمنا لأمره، والحمد لله رب العالمين.

وقال أبو اليقظان: لما دفن عمرُ ابنَه وكاد أن يَنصَدِع عن قبره قال له محمد بن الوليد بن عبد الملك: يا أمير المؤمنين، اشتغل بما أقبل من الموت إليك عمن هو في شغل عنك، وأعدَّ لنزولك (١) عُدَّةً تكون لك حجابًا من النَّار، ثم أنشد (٢): [من الطَّويل]

تَعَزَّ أميرَ المؤمنين فإنَّه … لما قد تَرى يُغْذَى الصَّغيرُ ويولَد

هل ابنُك إلَّا من سُلالةِ آدَمٍ … وكلٌّ على حوضِ المنيَّةِ يُورَدُ


(١) في "تاريخ دمشق" ٤٣/ ١٨١: لنزوله.
(٢) نسب البيتان لرجل أو أعرابي دخل على عمر فعزاه عند وفاة ابنه، انظر الكامل للمبرد ١٣٧٨، والتعازي والمراثي له ٤٧، و "حلية الأولياء" ٥/ ٣٥٩، و "تاريخ دمشق" ٤٣/ ١٨٢.
وانظر في ترجمة عبد الملك بن عمر: "المعارف" ٣٦٣، و "حلية الأولياء" ٥/ ٣٥٣، و "تاريخ دمشق" ٤٣/ ١٦٩، و "المنتظم" ٧/ ٥٨، و "صفة الصفوة" ٢/ ١٢٧.