للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتحقن الدِّماء، وتُطفئ الفتنة. فأمَّنَه على أن يُقيم بالبصرة [وأنفذه] (١) مع خالد القسريّ، وعمر الحَكَمي، فقدما العراق وقد استولى يزيد على البصرة.

ذكر مسير الجيوش من الشام والكوفة لقتال يزيد بن المهلَّب:

قال هشام بن محمد: ثم إن يزيد بن عبد الملك بعث العبَّاس بنَ الوليد بن عبد الملك في أربعة آلاف فارس، ومسلمة بعده في أهل الشام، وبلغ يزيدَ بنَ المهلَّب، فقام خطيبًا وقال: أيها النَّاس، إنما أدعوكم إلى كتاب الله وسنة رسوله وجهاد أهل الشام، فإنَّه أعظمُ من جهاد التُّرك والدَّيلم.

وكان الحسن جالسًا في المسجد، فقال: سبحان الله! أيزيد يدعو إلى كتاب الله وسنة رسوله، ثم رفع الحسنُ صوتَه وقال: واللهِ لقد رأيناك واليًا ومُوَلًّى (٢) عليك، فما ينبغي عليك ذلك. فقام أصحاب الحسن، فأخذوا بيده وأقاموه.

فلما خرج الحسن من المسجد رأى النَّاس صفَّين بالرِّماح والسلاح ينتظرون خروج يزيد، فقال الحسن: قد كان يزيد بالأمس يضرب أعناق هؤلاء، وأصبح اليوم يضرب بهم بني مروان ثم يقول: أدعوكم إلى سنَّة العُمَرَين! إنَّ من سنة العُمَرَين أن يُوضع في رجليه قيد، ثم يُردَّ إلى سجن عُمر بن عبد العزيز. فقيل للحسن: يا أبا سعيد، لكأنك راضٍ عن أهل الشام! فقال: قبَّحهم الله، أليس هم الذين هدموا الكعبة وأحرقوها، وأباحوا المدينة ثلاثًا، وهتكوا حَرَمَ رسولِ الله ، وحملُوا أهلَه سبايا إلى الشام، وفعلوا وفعلوا؟! ثم قرأ الآية: ﴿أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ (٣) [الرعد: ٢٥].

واستخلف يزيد على البصرة أخاه مروان بن المهلَّب، وقدَّم بين يديه أخاه عبد الملك، وخرج ببيوت الأموال وخزائن السلاح، فنزل واسطًا، وكان قد استشار أصحابَه قبل خروجه من البصرة، فقالوا: نرى أن تخرجَ فتنزل أرض فارس، فتأخذَ


(١) ما بين حاصرتين من المصدر السابق ٧/ ٢٥٩.
(٢) في (ب) و (خ) و (د): وموليًا. والمثبت من "تاريخ" الطبري ٧/ ٥٨٧، والكلام فيه بنحوه.
(٣) تاريخ الطبري ٦/ ٥٨٧، ٥٨٨.