للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إنَّ عديًّا بخلَ على النَّاس، وختمَ بيتَ المال، واستقرضَ أموال النَّاس، وفرضَ لكلِّ مقاتل في كل يوم درهمين (١).

قال: وطُعن رجل من آل عديّ فخرج ثَرْبُه (٢)، فقيل له: قل: لا إله إلَّا الله، فقال: هاتوا الدرهمين. وخرجت نَفْسُه (٣)!

وجلس يزيد للناس، فبايعوه على كتاب الله تعالى وسنة رسوله ، ووجد في بيت المال بالبصرة عشرة آلاف ألف درهم، فلما كان يوم الفطر خطب يزيد بن المهلَّب، وخلع يزيدَ بنَ عبد الملك، ولعن بني مروان، ودعا إلى الرضى من بني هاشم، ولعنَ مسلمةَ بنَ عبد الملك وقال: قد أقبلَتْ إليكم هذه الجرادةُ الصفراء (٤)، ولعن عبدَ الحميد بنَ عبد الرحمن وقال: لعن الله الضَّبُعةَ العرجاء. يعني عبد الحميد (٥).

وكان الحسن البصريّ يذمُّ يزيدَ وبني المهلب ويقول: فاسقٌ عقدَ خِرَقًا على قَصَب، ثم نعق بأعلاج وطَغَام، فأجابوه. وبلغ يزيد بن المهلب فلم يعرض له (٦). وكان قتادة بالأهواز ينتقص آلَ المهلب بعدما كبر وعمي، فبعث إليه يزيد من وجأ عنقه (٧).

وفرَّق يزيد عمَّاله في البلاد، فاستعملَ أخاه محمدًا على فارس، وزيادًا على عُمان ومُدركًا على خُراسان، ووَدَاعَ بنَ حُميد اليحمدي على قَنْدَابِيل (٨)، فقال له أخوه حبيب: لا تولِّه، فإنَّ في عينيه غَدْرةً. فكان كما قال؛ أغلَقَها في وجوههم (٩).

ولما كتب يزيد بن المهلَّب إلى يزيد بن عبد الملك يطلب الأمان؛ استشار يزيدُ بنُ عبد الملك النَّاسَ، فقالت المُضَريَّة: لا تؤمِّنْه، فإنَّه أحمق غدَّار. وقالت النزارية: أمِّنه،


(١) المصدر السابق ٧/ ٢٤٦. وسلف نحوه قريبًا قبل شعر الفرزدق.
(٢) الثَّرْب: شحم رقيق يُغَشِّي الكرش والإمعاء. ينظر "القاموس".
(٣) المصدر السابق.
(٤) هو لقب مسلمة بن عبد الملك، لصفرة كانت تعلوه. ينظر "أنساب الأشراف" ٧/ ٣٠٢.
(٥) ينظر "أنساب الأشراف" ٧/ ٢٥٥ - ٢٥٦.
(٦) أنساب الأشراف ٧/ ٢٥٤ و ٢٥٥. وبنحوه في "تاريخ" الطبري ٦/ ٥٨٧.
(٧) في "أنساب الأشراف" ٧/ ٢٥٧ أنَّه أمر به فوُجئ في عنقه، وبعث به إلى الأهواز.
(٨) مدينة بالسِّند، وهي قصبة (مدينة) لولاية يقال لها: النُّدْهة. "معجم البلدان" ٤/ ٤٠٢.
(٩) أنساب الأشراف ٧/ ٢٥٦.