للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منِّي السَّلام، وقل له: لا رأي لي في الشقاق، ولا في تفريق الكلمة، وقد كتبتُ إلى أمير المؤمنين أسألُه الأمان، فخلِّ سبيلَ إخوتي كان المصر، فإن جاءني كتابُ أمان فذاك، وإن كان غير ذلك، فتكون قد سلمتَ منَّا وسلمنا منك، فلم يفعل (١).

فجمع يزيد ربيعة والأزد، وفرَّق فيهم الأموال والسلاح، وخرج فنزلَ جبَّانةَ بني يشكر، وهي نصف بين القصر والبلد.

وقال المدائني: إنَّ يزيد بن المهلَّب بعث إلى عديّ بالحسن البصري وأشرافِ أهل المصر يُناشدونه اللهَ في شقِّ عصا المسلمين وسفك دمائهم، فمضَوْا إليه، فلم يقبل وقال: أميرُ المؤمنين أمرَني بحبسهم، فلا أُخرجُهم إلَّا بأمره. فعادوا إلى يزيد، فأخبروه أنَّ عَدِيًّا أمَّن من بقي من ولدِ المهلَّب (٢)، وكان بعضُ إخوة يزيد حاضرًا ويقال: هو عبد الملك، فقال للحسن: إنكم قد واطأتُم عدوَّنا على هلاكنا، وليست طاعتُه عليكم بواجبة. فقال له الحسن: كذبتَ، ما واطأناه. فغضب عبد الملك وقال للحسن: يا ابن اللَّخناء، أتكذِّبُني، وإنَّما أنت عبدٌ تريد استذلال أهلِ المِصْر بتخشُّعِك، وقد حمَّقْتَ نفسك، وتعدَّيتَ طَوْرَك وقدرَك. ثم قام إليه ليقتله، فمنعه يزيد.

وقيل: إنَّما منعه المفضَّل، وقيل: حجيب.

ثم قال المفضَّل للحسن: هلَّا أمَّنْتَ الحجَّاجَ على دمك؟! فقال: إنَّ الحجاج لم يُعطني أمانًا، وإنَّ عديًّا قد أمَّنَكم من كلِّ ما تكرهون، وأمرني أن أضمن لكم الوفاء عنه، فثِقُوا بقولي وأمانِهِ.

فركنا إلى قوله الحسن وأقاما معه -وهما عبد الملك والمفضَّل- وتخلَّف آخرون منهم، فلما دخلوا على عديّ أخفر ذِمام الحسن، وحبَسَهما مع حبيب ومروان ومُدْرك وأبي عُيَينة، فصاروا ستة من بني المهلَّب، وقيَّدهم (٣).


(١) "أنساب الأشراف" ٧/ ٢٤٢ - ٢٤٣.
(٢) لم أقف على هذه الرّواية، ورواية "أنساب الأشراف" ٧/ ٢٤٤ - ٢٤٥ عن علي بن نصر الجهضمي عن مشايخهم، أن عديًّا بعث بالحسن البصري إلى ولد المهلب في عدة … فناشدوهم … إلخ. ثم الكلام الآتي بعده فيه بنحوه.
(٣) أنساب الأشراف ٧/ ٢٤٥.