للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا ينقضُ العهدَ ولا العُهودا … من نَفَرٍ كانوا ملوكًا (١) صِيدَا

تَرَى لهم في كلِّ يومٍ عِيدًا … [من الأعادي جَزَرًا مقصودا] (٢)

فكتب يزيد بن عبد الملك إلى أهل الكوفة يمنِّيهم الزيادات في الإقطاعات والعطاء، فأوَّلُ مَنْ سارَ إلى قتال يزيد بن المهلب القُطاميُّ، فقال يزيد بن المهلَّب: ما أبعدَ قولَ القُطاميّ من فعله (٣)!

وقال المدائني: لمَّا هرب يزيد بن المهلَّب من الشام مرَّ بحَدَث الرِّقاق (٤) وهناك منزلُ الهُذَيل بنِ زفر، وكان يزيدُ خائفًا منه، فلم يُحِسَّ به الهُذيل إلَّا وقد هجمَ عليه فسطاطَه، ودعا بلبنٍ فشربَه، فاستحيى الهُذيل منه، وعرضَ عليه خيلَه، فلم يأخذ منها شيئًا. ثم سلك البَرِّيَّة، وأتى القادسية، وبعثَ عبد الحميد خلفَه، وسار إلى البصرة.

وكان يزيد بنُ عبد الملك قد بثَّ في طلبه الرجال، منهم الهُذيل، وكوثر، والوثيق بنو زُفر بن الحارث الكلابي، فمرَّ بالهُذيل، وفاتَ الكوثر والوثيق.

وجاء كتاب يزيد بن عبد الملك إلى عديّ بأن يبعثَ آل المهلب إليه، فحبسهم، فقال له وكيع بن حسَّان بن أبي سُود؛ والي خُراسان كان: اقْتُلْ آلَ المهلَّب. وكان عدوَّهم، فقال عديّ: لا أفعل. قال: فاهدمْ عليهم دُورهم. قال: لا أفعل. قال: فافتَحْ بيت المال، وأنفقْ على النَّاس. قال: لا أفعل، لم يُؤذن لي في ذلك. فقال له وكيع: كأنّي واللهِ بك وقد أُخِذتَ برقبتك. ومات وكيع في تلك الأيَّام (٥).

وأمَّا يزيد بن المهلَّب؛ فقدم البصرة ليلة البدر من رمضان، فنزلَ دار أبيه المهلَّب، وكتبَ من ليلته إلى يزيد بن عبد الملك يطلب منه أمانًا، وبعث يزيدُ بابنه خالد بنِ يزيد وابنِ أخيه حُميد بن عبد الملك بن المهلَّب، فسارا بكتابه إلى الشام، وبعثَ إلى عديّ بنِ أرطاة القاسمَ بنَ عبد الرحمن الهلاليّ -وأمُّه فاطمةُ بنتُ أبي صُفْرة- وقال له: أقْرِهِ


(١) في "تاريخ" الطبري ٦/ ٥٨٥: هجانًا.
(٢) ما بين حاصرتين من "تاريخ" الطبري، وينظر "أنساب الأشراف" ٧/ ٢٦١.
(٣) ينظر "أنساب الأشراف" ٧/ ٢٦١، و "تاريخ الطبري" ٦/ ٥٨٥.
(٤) حَدَث الرِّقاق: موضع بالشام، وسلف ذكره أوّل أحداث هذه السنة، وتحرف اللفظ في "أنساب الأشراف" ٧/ ٢٤٢ (والخبر فيه) إلى: يحدث الرفاق.
(٥) المصدر السابق ٧/ ٢٤٠.