للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حصنًا تكون فيه، فواللهِ لو رماك أهلُ البصرة بالحجارة لقتلونا، ولكن اصْبِرْ حتَّى تنظر. وبعث رسولًا إلى مسلمة يخبره، فعزل عبدَ الرَّحْمَن بنَ سُليم، وأقرَّ عُمَر على الشرطة، وولَّى عاملًا على البصرة عبدَ الملك بنَ بشر بنِ مروان (١).

وفيها بعث مسلمةُ إلى خُراسان سعيدَ بنَ عبد العزيز بن الحارث بن الحكم بن أبي العاص، وكان زوجَ ابنةِ مَسْلَمة بن عبد الملك، ويلقب سعيد خُذينة (٢).

[وسببُه أنَّه لما قدم خُراسان لبس ثيابًا مصبغة، وكان متنعّمًا، فدخل عليه بعضُ ملوكها -أو دهاقينها- فرآه على تلك الحال، فلمَّا خرجَ من عنده قالوا: كيف رأيتَ الأمير؟ قال: خذينة. وهي بلغة الدهاقنة يعني امرأة].

ورُفع إلى سعيد خُذينة أن أقوامًا اختانوا الأموال، منهم جَهْم بن زَحْر الجُعْفيّ، والقعقاع الأَزدِيّ، والمنتجع بن عبد الرَّحْمَن الأَزدِيّ، وعبد العزيز بن عَمرو بن الحجاج الزبيدي، فحبسهم، وبسطَ عليهم العذاب، فمات جَهْم بن زَحْر، وعبد العزيز، والمنتجع. وأقامَ القعقاعُ حتَّى غزت التركُ مَرْو، فأخرج من الحبس (٣).

وفيها عزل سعيد خُذينة شعبةَ بنَ ظُهير عن سَمَرْقَنْد والسُّغْد (٤)، وولَّى حَرْبَها عثمانَ بنَ عبد الله بن مطرّف بن الشِّخِّير، وولَّى الخراج سليمان بن أبي السَّرِيّ، وولَّى هراةَ معقلَ بنَ عُروة القشيري.

وضعَّفَ النَّاسُ سعيدًا، وسَمَّوْه خُذينة (٥).

وبلغ التُّرك، فطمعوا فيه، وجمع خاقان التُّرك، وبعث بهم إلى السُّغْد، وقدَّم عليهم رجلًا يقال له: كورصول، فسار حتَّى نزل القصر الباهليّ وفيه مئةُ أهلِ بيت بذراريّهم،


(١) تاريخ الطبري ٦/ ٦٠٤ - ٦٠٥. والواو السالفة بين حاصرتين منه. ومن قوله: وغيرهم وسنذكرهم في تراجمهم … إلى هذا الموضع، ليس في (ص).
(٢) المصدر السابق ٦/ ٦٠٥. والكلام الآتي بعده بين حاصرتين من (ص).
(٣) تاريخ الطبري ٦/ ٦٠٦ - ٦٠٧.
(٤) السُّغْد، أو: الصُّغْد: قرًى متصلة خلال الأشجار والبساتين من سَمَرْقند إلى قريب من بُخارى، لا تبين القرية حتى تأتيَها؛ لالتحاف الأشجار بها. ينظر "معجم البلدان" ٣/ ٢٢٢ و ٤٠٩.
(٥) في (خ) (والكلام منها): وأعلنوا بحديثه. والمثبت من "تاريخ" الطبري ٦/ ٦٠٠ (والخبر فيه). وينظر "الكامل" ٥/ ٨٩.