للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان مسلمةُ قبل ذلك قد عزم على زيارة يزيد، فاستشار عبدَ العزيز بنَ حاتم بن النُّعمان في زيارته، فقال له: إنك لَطَروب، وإن عهدَك به لَقريب، وواللهِ لئن فارقتَ بلادك [فإنك لا تخرج من عملك] (١) حتَّى تلتقي العامل عليها.

فسار مسلمةُ فلما بلغ دُورين لقيه عُمر بن هُبيرة على خمس من دوابّ البريد، فسأله مسلمة عن مَقْدَمِهِ، فقال: بعثني أمير المُؤْمنين لأحوز أموال بني المهلَّب بالبصرة. فقال [مسلمة] لعبد العزيز: هذا ابنُ هُبيرة قد لَقِيَنا. فقال عبد العزيز: فقد أحْبرتُك. فقال: إنما جاء لِحيازة أموالِ بني المهلَّب. فقال: هذا أعجبُ من الأول، انصرفَ ابنُ هُبيرة عن أعمال الجزيرة، وتولَّى جباية أموالِ بني المهلَّب، سوف ترى.

فلم يلبث أن جاءه عزلُ عمالِ مسلمة ومطالبةُ ابنِ هُبيرةَ لهم بالأموال، ووصلَ مسلمة إلى الشام.

وقال الفرزدق:

راحَتْ بمَسْلَمةَ الرّكابُ مودَّعًا … فارْعَي فَزَارةُ لا هَناكِ المَرْتَعُ

عُزِلَ ابنُ بِشْرٍ وابنُ عمرٍو قبلَهُ … وأخو هَراةَ لمثلها يتوقَّعُ

ولقد علمتُ لئن فَزَارةُ أُمِّرَتْ … أنْ سوفَ تطمعُ في الإمارة أشجعُ

يعني بابنِ بِشْر عبدَ الملك بنَ بشر بن مروان، وبابن عمرٍو محمدًا ذا الشامة، وبأخي هَراة سعيدَ خُذينة (٢).

وحجَّ بالنَّاس في هذه السنة عبد الرَّحْمَن بنُ الضحَّاك بن قيس الفِهْرِي، وكان على المدينة، وكان على مكة عبدُ العزيز بنُ عبد الله بن خالد بن أَسِيد، وعلى العراق ابنُ هُبيرة، وعلى قضاء الكوفة القاسمُ بنُ عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن مسعود، وعلى البصرة عبد الملك بن بِشر بن مروان (٣).


(١) ما بين حاصرتين زيادة ضرورية للسياق. وينظر "أنساب الأشراف" ٧/ ٣٠٨، و"تاريخ" الطبري ٦/ ٦١٥.
(٢) تاريخ الطبري ٦/ ٦١٥ - ٦١٦. وينظر "أنساب الأشراف" ٧/ ٢١٠ - ٢١١ و ٣٠٨. و"ديوان" الفرزدق ١/ ٤٠٨.
(٣) تاريخ الطبري ٦/ ٦١٧ - ٦١٨. ومن قوله: ورُفع إلى سعيد خذينة (أوائل أحداث هذه السنة) … إلى هذا الموضع، ليس في (ص).