عنه، فقال لها يزيدُ بنُ أبي مسلم: يُكلِّمُكِ الأمير، وتُعرضين عنه! فقالت: يَا رَدِيّ، عليك وعليه لعنةُ الله. والرَّديُّ عند الخوارج من يعلم الحقَّ ويكتُمُه.
وقال الشعبي: خرج يزيدُ بن أبي مسلم يومًا من عند الحجَّاج وهو يقول: قد قضى الأميرُ اليومَ بقضاء لم يقضِ به أحدٌ من أهل القِبْلة. قال الشعبيّ: فقلت: وما هو؟ قال: جعلَ متاعَ البيت للرجل ما لم تُقم المرأةُ البيّنة على شيء منه. قال: فقلت له: اكتُم عليّ، قد قضى به عليُّ بنُ أبي طالب. فرجع إلى الحجَّاج فأخبره، فقال الحجَّاج: كان عليٌّ أقضى الناسِ جميعًا (١).
[قلتُ: وقد اختلفت الفقهاء في هذه المسألة، وهي ما إذا اختلف الزوج والمرأة في متاع البيت بعد موت أحدهما، أو بعد الطلاق، أو حال قيام النكاح، وكلُّ واحد يدَّعي أن المتاع كلَّه له.
كان محمَّد بن الحسن يقول في هذه المسألة سبعة أقاويل عن سبعة من الفقهاء، كلُّ واحد منهم يؤخذ بقوله.
ففي قول أبي حنيفة: ما كان يصلُح للرجال؛ فهو للرجال، وما يصلح للنساء فهو للنساء، والذي يصلُح للرجل: العِمامة، والقلنسوة والقوس، والخفّين، ونحوه، والذي يصلح للمرأة: الخِمار، وثياب بدنها، ونحوها، وما كان مشكلًا؛ كالمتاع والفرُش والبُسُط وما أشبهه؛ فهو للباقي منهما في الموت، وفي الطلاق هو للزوج.
وعند أبي يوسف للمرأة مقدارُ جهاز مثلِها، وما بقيَ للزوج في الطلاق والوفاة جميعًا.
وعند محمَّد: ما يكون للرجال فهو للرجال، وما كان للنساء فهو للمرأة، وما كان مشكلًا فهو للزوج وللمرأة نصفان بينهما، وهو قول الشَّافعيّ، وأحذ الروايتين عن أَحْمد.
وفي قول ابن أبي ليلى: هو كلُّه للزوج، وهو مذهب عليّ ﵇.
وفي قول الحسن البَصْرِيّ: الكلّ للمرأة.
(١) تاريخ دمشق ١٨/ ٣٨٥ - ٣٨٦ (مصورة دار البشير- ترجمة يزيد بن أبي مسلم).