للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر طرف من أخبار يزيد بن المهلَّب

ولد سنةَ ثلاث وخمسين، وجُمع له الكوفةُ والبصرة في سنة سبع وتسعين، وكان جوادًا ممدَّحًا شجاعًا، شهد مع أبيه المهلَّب قتال الأزارقة، وأقام واليًا على خُراسان بعد أبيه أربعَ سنين.

[قال الأصمعي:] ولمَّا عذَّبَه الحجَّاج قرَّر على نفسه كلَّ يوم مئة ألف درهم، فإنْ أدَّاها نهارًا، وإلَّا عذَّبَه ليلًا، فجمع مئة ألف اشترى بها عذابَ يومه، فدخل عليه الأخطل فأنشد:

أبا خالدٍ أقْوَتْ خُراسانُ بعدَكُمْ … وقال ذَوُوا الحاجاتِ أين يزيدُ

فلا سُقِيَ المَرْوانِ (١) بعدَك قطرةً … ولا اخضَرَّ بالمَرْوينِ بعدَك عُودُ

ولا لسريرٍ بعد ملككَ بهجةٌ … ولا لجوادِ بعد جُودكَ جودُ

وقيل: إن الشعر للفرزدق (٢).

فدفع إليه المئة ألف، وبلغ الحجَّاجَ فقال: أكلُّ هذا الكرم وهو بهذه الحالة؟! ارْفَعُوا عنه العذاب (٣).

وقال ابنُ البَرْقي: أغرمَ سليمانُ عُمرَ بنَ هُبيوة ألفَ ألفِ درهم، وخمسَ مئةِ ألفِ درهم، فعَجَزَ عنها، فتحمَّلها يزيدُ عنه.

وحجَّ يزيد، فطلبَ حلَّاقًا يحلِقُ رأسَه، فجيء بحلَّاق، فحلقه، فأعطاه ألفَ درهم، فدُهش وقال: هذه أشتري بها أمِّي فلانة. فقال: أعطُوه ألفًا أخرى. فقال: هذه أشتري بها أبي. فقال: أعطوه ألفًا أخرى، فقال: امرأته طالق إنْ حلقَ رأس أحد بعده. فقال: أعطُوه ألفًا أخرى (٤).


(١) تثنية مَرْو، إحداهما مَرْو الشاهجان، وهي العظمى، والأخرى مَرْو الروذ، وهي الصغرى، وهما مدينتان مشهورتان بخراسان. قاله ابن خلّكان في "وفيات الأعيان" ٦/ ٢٧٩. وينظر "معجم البلدان" ٥/ ١١١.
(٢) قال ابن خلّكان في "وفيات الأعيان" ٦/ ٢٨٠: المشهور أن صاحب هذه الواقعة والأبيات هو الفرزدق، ثم إني رأيتُ هذه الأبيات في ديوان زياد الأعجم، والله أعلم بالصواب.
(٣) ذكر ابن خلّكان الخبر في "وفيات الأعيان" ٦/ ٢٨٠ ونسبه لابن عساكر. وترجمة يزيد بن المهلّب ليست بين أيدينا، فقد وقعت ضمن خرم في "تاريخ دمشق".
(٤) بنحوه في "وفيات الأعيان" ٦/ ٢٨٠، وينظر "سير أعلام النبلاء" ٤/ ٥٠٤.