للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النصري، فأحسنَ السِّيرة، فلم يَقْدَم عليهم والٍ أحبَّ إليهم منه، وكان يذهبُ مذاهبَ الخير، لا يقطع أمرًا إلا استشار فيه القاسم وسالمًا (١).

وفيها غزا سعيدٌ الحَرَشيُّ السُّغْد (٢)، فقتل وسبى، وقطع النهر، ونزل على خُجَنْدَة (٣)، ونصبَ عليها المجانيق وحصرَهم، فأرسلوا إلى ملك فَرْغانة يستنجدونَه على الحَرَشيّ، فقال: لستُم في جواري. فأرسلوا إلى الحَرَشيّ، فصالحوه، وأعطاهم الأمان على أن يردَّهم إلى الصُّغْد، وأن يردُّوا إليه نساء العرب الذين في أيديهم وأُسارى المسلمين، ويؤدُّوا الخَراج (٤)، ولا يغتالوا أحدًا، ولا يتخلَّف منهم بخُجَنْدَة أحد.

فغدروا وقتلوا من أسارى المسلمين في السِّرّ مئةً وخمسين، وأفلتَ منهم غلامٌ، فأخبرَ الحَرَشيّ، فأرسل إليهم، فأنكروا، وتحقَّق الخبر، فأرسلَ فعزل التُّجار عنهم، وكانوا أربع مئة، معهم أموالٌ عظيمة من الهند والصين، وأمر بقتل السُّغْد، فقتلهم عن آخرهم، وأَفلت منهم جماعة قبل ذلك، وغنم أموال السُّغْد وذراريهم.

وكتبَ إلى يزيد بن عبد الملك بالفتح ولم يكتب إلى عُمر بن هُبيرة، فكان هذا مما وجد عليه ابنُ هُبيرة حتى عزلَه.

وفتح الحَرَشي قِلاعًا كثيرة وحصونًا لم يفتحها غيرُه، وغنم أموالًا عظيمة، وعاد إلى مَرْو (٥).

وفيها عزلَ عُمر بنُ هُبيرة سعيدَ الحَرَشيَّ عن خُراسان، وولَّاها مسلم بنَ سعيد بن أسلم بن زُرْعة الكلابي.


(١) تاريخ الطبري ٧/ ١٤.
(٢) سعيد الحَرَشي: هو ابنُ عَمرو بن الأسود بن مالك وسلف ذكره أول السنة (١٠٣). والسُّغد -أو الصُّغد - قرى بين سمرقند وبُخارى، وسلف الكلام عليها.
(٣) بلدة مشهورة بما وراء النهر على شاطئ سيحون، بينها وبين سمرقند عشرة أيام. معجم البلدان ٢/ ٣٤٧.
(٤) في "تاريخ" الطبري ٧/ ٨: ويؤدُّوا ما كسروا من الخراج.
(٥) الخبر في "تاريخ" الطبري ٧/ ٧ - ١٠ مطول.