للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم توفّيت حَبَابة، فكانت سببًا لوفاته؛ بينا هو جالسٌ يومًا [معها] في مستشرف وقد قال للخادم: هذا يوم سروري، فلا ترفعنَّ إليّ شيئًا من أمور الناس. فأخذتْ رمَّانةً فأكلت منها حبَّة، فشَرقَتُ بها وماتت (١).

وقيل: إن يزيد رماها بحبة عنب، فدخلت في فيها، فشَرِقَتْ بها، فماتت (٢).

فتركها في البيت حتى نَتَنَتْ، وحزن عليها حزنًا منعه من الطعام والشراب حتَّى مات كمدًا.

[قال الهيثم:] وخرج في جنازتها محمولًا فلم تحمله قدماه، فسقط إلى الأرض، فقال لمسلمة: صَلِّ عليها. ثم حُمل إلى قبرها وهو ينشد [قول كُثَيِّر]:

وإنْ تَسْلُ عنكِ النَّفسُ أو تَدَعِ الصَّبَا … فبالرُّغم (٣) أسْلُو عنكِ لا بالتَّجَلُّدِ

وكلُّ خليلٍ راءني فهو قائلٌ (٤) … مِنَ أجلكِ هذا هامةُ اليومِ أو غَدِ

ثمّ حُمل إلى قصره، فما خرج إلا على النَّعْش (٥).

وأشار عليه مسلمةُ أن لا يخرج إلى الناس سبعة أيام لئلا يظهر منه شيءٌ يُسَفَّهُ به (٦).

وقال الهيثم: دفنها ثم نبشَها بعد ثلاث وقد نتَنَتْ، فرمى بنفسه عليها، ولم يمنعه شدةُ نتَنَها من ذلك، وجعل يلثمها ويَشَمُّها، وأعادها إلى قبرها، ولزمه (٧).

وعاش بعدها أربعين ليلة مريضًا، وقيل: خمس عشرة ليلة، وقيل: ثلاثة أيام.

وقال الأصمعي: إنه دخل بعد موتها إلى خزائنها ومقاصيرها، فطاف فيها ومعه جارية لها، فترنَّمَت:


(١) الأغاني ١٥/ ١٤٣، والمنتظم ٧/ ١١١، ومختصر تاريخ دمشق ٧/ ٣٠١.
(٢) أنساب الأشراف ٧/ ٢٠٣، ونُسب الكلام في (ص) إليه.
(٣) في المصادر السابقة: فباليأس.
(٤) في (خ) (والبيتان منها): وكل رآني فهو لا شك قاتل. والمثبت من "الأغاني" ١٥/ ١٤٤، وفي "مختصر تاريخ دمشق" ٧/ ٣٠٢: وكلُّ حبيب زارني.
(٥) بنحوه في "تاريخ دمشق" ١٨/ ٣٤٢ (مصورة دار البشير - ترجمة يزيد بن عبد الملك).
(٦) تاريخ الطبري ٧/ ٢٤، وبنحوه في "الأغاني" ١٥/ ١٤٥. ولم يرد هذا القول في (ص).
(٧) لم أقف على هذا السياق، والذي في "أنساب الأشراف" ٧/ ٢٠٤، و"المنتظم" ٧/ ١١١، و"مختصر تاريخ دمشق" ٧/ ٣٠٢ أنها لما ماتت بقيت عنده ثلاثًا حتَّى أنتنت … ثم أذن لهم في دفنها. وينظر "الأغاني" ١٥/ ١٤٤.