للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقال محمد بن إسحاق:] كان يخرج إلى السوق، فيشتري حوائجه بنفسه.

و [حكى الحافظ الدمشقي أن سالمًا] ما كان يأكل في بيته طعامًا إلا ومعه مسكين، فخرج مولاه يومًا يطلبُ مسكينًا، فلم يجد إلا عجوزًا عمياء حَدْباء، فأدخلها، فأكلت معه.

وكان أهلُ المدينة يكرهون أمَّهاتِ الأولاد حتَّى نشأ فيهم القُرَّاء السادة: عليّ بن الحسين، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، ففاقوا أهلَ المدينة علمًا وتقًى وزُهدًا وعبادة وورعًا، فرغب الناسُ حينئذ في اتِّخاذ السَّرَاري (١).

و [قال المدائني:] لما احتُضر عبدُ الله بنُ عمر أوصى إلى ابنه عبد الله بن عبد الله، فقيل له: تركتَ سالمًا، وهو أسنُّ من عبد الله! فقال: أكره أن أُدنِّسَ سالمًا بالوصية وأُشغلَه عن العبادة.

ولما خرجت جنازة عبد الله بن عمر قال عبد الله لأخيه سالم: تقدَّم فصلِّ على أبيك. فقال [سالم]: يقدِّمُك أبي، وأؤخِّرك أنا! لا يكونُ ذلك أبدًا (٢).

ودخل سالم على (٣) سليمان بن عبد الملك وعليه ثيابٌ غليظة رَثَّة، فلم يزل سليمان يُدنيه حتَّى أجلسَه معه على سريره، وعمر بن عبد العزيز في المجلس، وفي أُخريات الناس رجلٌ عليه ثياب لها قيمة، فقال الرجل لعمر: أَمَا قَدَرَ خالُك أن يلبس ثيابًا غير هذه؟! فقال له عمر: ما رأيتُ الثيابَ التي على خالي وضعته في مكانك، ولا رأيت ثيابك هذه رفعَتْك إلى المكان الَّذي فيه خالي.

[قال القاضي: لقد أحسن عمر في جوابه، وأجاد في الذَّبِّ عن خاله].

ورأى سليمان سالمًا حَسَنَ السَّحْنة (٤)، فقال له: أيُّ شيء تأكلُ؟ قال: الخبز والزيت. فعجب سليمان منه.


(١) تاريخ دمشق ٧/ ٢٨ (مصورة دار البشير). ولم ترد هذه الفقرة في (ص).
(٢) المصدر السابق ٧/ ٢٩ - ٣٥. وكلُّ ما سلف بين حاصرتين من (ص).
(٣) في (ص): ذكر المعافى بن زكريا أن سالمًا دخل على … إلخ وهو في "تاريخ دمشق" ٧/ ٣٠ (مصورة دار البشير) والكلام الآتي بإثر الخبر بين حاصرتين من (ص).
(٤) عبارة (ص): وروى ابن أبي الدنيا أن سليمان رأى سالمًا حسن السَّحنة … وينظر المصدر السابق ٧/ ٢٧ و ٣٣، و"صفة الصفوة" ٢/ ٩١، و"المنتظم" ٧/ ١١٤.