للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و [قال أبو عبيد:] جلس الفرزدق يومًا عند الحسن البصري، فجاءه رجل فقال: يا أبا سعيد، إنا نكون في هذه البعوث والسرايا، فنُصيبُ المرأة من العدوّ، وهي ذاتُ بَعْل، أفَتَحِلُّ لنا من غير أن يطلِّقها زوجُها؟ فقال الفرزدق: قد أجبتُ عن هذا في قولي:

وذاتِ حليل أنكحَتْنا رماحُنا … حلالٌ لمن يَسبِي (١) وإنْ لم تُطَلَّقِ

فقال الحسن: صدق.

و [قال أبو عبيدة:] كانت هند (٢) بنت صعصعة عمَّة الفوزدق تقول: مَنْ جاءت من نساء العرب بأربعة مثل مثالي (٣) يحلُّ لها أن تضع خمارها عندهم؛ فصِرمَت لها (٤): أبي صعصعة، وأخي غالب، وخالي الأقرع بن حابس، وزوجي الزبْرِقان بن بدر. فسُمّيَتْ ذاتَ الخمار.

[قلت:] وقد روى صعصعة [أبو هذه] الحديثَ [عن رسول الله ، فأخرج له الإمام أحمد في "المسند" حديثًا واحدًا، فقال: حدثنا يزيد بن هارون بإسناده] عن صعصعة بن معاوية عمِّ الفرزدق أنه أتى النبيَّ ، فقرأ عليه: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)﴾، فقال: حسبي، لا أُبالي أن [لا] أسمعَ غيرَها (٥).

حديث النَّوَار (٦) [زوجة الفرزدق]

[حكى أبو عَمرو الشَّيباني قال:] كانت النَّوَار ابنة عبد الله بن أعين [بن ضُبيعة] المجاشعي، وكان قد بعثه عليٌّ إلى البصرة أيام الحَكَمين، فقتلَتْه الخوارج


(١) في "طبقات فحول الشعراء" ٢/ ٣٣٦، و"الأغاني" ٢١/ ٣٠٤: حلالًا لمن يبني، وفي "العقد الفريد" ٥/ ٣٨٣، و"مختصر تاريخ دمشق" ٢٧/ ١٢٧ - ١٢٨: أنكحتها رماحنا.
(٢) في "العقد الفريد" ٢/ ١٩٦، و"ثمار القلوب" ص ٢٩٥: هُنيدة.
(٣) في المصدرين السابقين: كأربعتي، بدل: مثل مثالي.
(٤) الصِّرمة: القطعة من النخل أو الإبل.
(٥) مسند أحمد (٢٠٥٩٣). والكلام بين حاصرتين من (ص).
(٦) بفتح النون وتخفيف الواو.