للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأقام الجُنيد بسمرقند أربعة أشهر، وندبَ بعضَ الناس ليمضي من سمرقند إلى هشام، فجَبُنُوا، فبعث نَهارَ بنَ توسعة وقال له:(١) وكتب إليه: إنَّ سَوْرَة أمرتُه بلزوم الماء، فعصاني، فقُتل.

وقال نهار بن توسعة:

لعمريَ (٢) ما حابيتَني إذْ بعثتَني … ولكنَّما عَرَّضْتَني للمتالفِ

دعوتَ لها قومًا فهابُوا ركوبَها … وكنتُ امْرأ ركَّابةً للمخاوفِ

وأيقنتُ إنْ لم يدفعِ اللهُ أنَّني … طعامُ سِباعٍ أو لِطَيرٍ عَوائفِ

من أبيات.

فكتب هشام إلى الجُنيد: قد وجَّهتُ إليك عشرين ألفًا من أهل البصرة والكوفة، وبعث له سلاحًا كثيرًا، منه ثلاثون ألف رمح، وثلاثون ألف قوس.

واسترجع هشام وقال: إنَّا لله، الجرَّاح بالباب، وسَوْرَة بخُراسان.

وأبلى نصر بن سيَّار في ذلك اليوم بلاءً حسنًا ولم يشكره الجُنيد، فقال نصر:

إنْ تحسُدُوني على حُسْنِ البلاء لكم … يومًا فمثلُ بلائي جرَّ لي الحَسَدا

يَأبَى الإلَهُ الَّذي أعلى بقدرتِهِ … كعبي عليكم وأعطى (٣) فوقكم عَضُدا (٤)

وضَرْبيَ التُّركَ عنكم يومَ فَرْقِكُمُ … بالسيف في الشِّعْبِ حتَّى جاوزَ السَّنَدَا

هلَّا شكرْتُمْ (٥) دفاعي عن حَرِيمِكُمُ (٦) … وَقْعَ القَنَا وشهابُ الحربِ قد وَقَدَا

من أبيات.

وكان التُّرك قد قصدوا الجُنيد، فمال به نَصْر بن سَيَّار إلى سند الجبل (٧) وحماه.


(١) مكان النقاط في النسختين ما صورته: لقد جئتك بهشام (؟)
(٢) في "تاريخ" الطبري ٧/ ٧٨: لعمرك.
(٣) في (ب) و (خ): وغطى. والمثبت من "تاريخ" الطبري ٧/ ٨٠ و ٨٤، و"الكامل" ٥/ ١٧٠.
(٤) في الرواية الأخرى في "تاريخ" الطبري، و"الكامل": عُدَدَا.
(٥) في "الكامل" ٥/ ١٧١: هلَّا شهدتمُ.
(٦) في "تاريخ" الطبري ٧/ ٨٤، و"الكامل" ٥/ ١٧١: جُنيدكم. وهو الوجه لما سيأتي.
(٧) سَنَد الجبل: ما قابَلَكَ منه وعلا عن السَّفْح.