للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"في نارِ اللهِ الحامِيةِ لولا ما يَزَعُها من أمر اللهِ لأحرَقت ما على وَجهِ الأرضِ" (١)، وقد ذكرناه في فصل الشّمس.

وقال الحسن البصري: وجدها تغرب في ماء يغلي غليان القدور؛ ويفيض الماء من تلك العين الحارَّة حولها ثلاثة أيَّام، لا يأتي على شيء إلَّا احترق (٢).

والجمهور على القراءة الأولى وهي ﴿عَينٍ حَمِئَةٍ﴾ مهموز، أي: ذات حمأة، وهي الطينة السوداء. وقال كعب: أجدها في التوراة تغرب في عين سوداء، فوافق ابن عباس.

وذكر الثعلبي أيضًا بإسناده عن عمرو بن ميمون قال: سمعت أبا حاضر، أو ابن حاضر رجل من الأزد، يقول: سمعت ابن عباس قال: إنِّي لجالس عند معاوية إذ قرأ: "تغرب في عين حامية" قال ابن عباس: فقلت ما نقرأها إلَّا ﴿حَمِئَةٍ﴾، فقال معاوية لعبد الله بن عمر: وكيف تقرأها؟ فقال: كما قرأتها يا أمير المؤمنين يعني: حامية، قال ابن عباس، فقلت: في بيتي نزل القرآن، فأرسل معاوية إلى كعب فجاءه فقال: أين تجد الشّمس تغرب في التوراة؟ فقال كعب: أمَّا العربية فأنتم أعلم منَّا بها، وأمَّا الشَّمس فإني أجدها في التوراة تغرب في ماء وطين، قال أبو حاضر الأزدي: لو كنت عندكما حاضرًا لأنشدتك ما تزداد به بصرًا في قولك: حمئة، فقال ابن عباس: وما هو؟ فقلت: قول تُبَّع: [الكامل]

قد كان ذو القرنين قبليَ مُسلمًا … ملكًا تدينُ له الملوك وتسجدُ

بلغَ المشارق والمغاربَ يبتغي … أسبابَ أمرٍ من حكيم مُرشد

فرأى مغار الشّمس عند غروبها … في عين ذي خُلُب وثَأط حرمد

قال: فقال ابن عباس: ما الخُلبُ؟ قلت: الطين في كلامهم، يعني أهل اليمن، قال: فما الثأط؟ قلت: الحمأة، قال: وما الحرمد؟ قلت: الأسود. فدعا رجلًا أو


(١) أخرجه أحمد (٦٩٣٤). وقال ابن كثير في البداية والنهاية ٢/ ٥٤٦: فيه غرابة، وفيه رجل مبهم لم يسمّ، ورفعه فيه نظر، وقد يكون موقوفًا من كلام عبد الله بن عمرو.
(٢) انظر "التبصرة" ١/ ١٦٧.