للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا أبْلِغْ جماعةَ أهل مَرْوٍ … على ما كان من نأْيٍ وبُعْدِ

رسالةَ ناصحٍ يُهدِي سلامًا … ويأمرُ في الذي ركبوا بِجِدِّ

فلا تَهِنوا ولا تَرْضَوْا بخَسْفٍ … ولا يَغْرُرْكُمُ أَسَدٌ بعهدِ

وكونوا كالبَغَايا إنْ خُدِعْتُمْ … وإنْ أقْرَرْتُمُ ضيمًا لوَغْدِ

وإلا فارفَعوا الراياتِ سُودًا … على أهلِ الضَّلالةِ والتَّعَدِّي

فكيفَ وأنتُمُ سبعون ألفًا … رَمَاكُمْ خالدٌ بشَبيهِ قِرْدِ

فمهلًا يا قُضَاعَ فلا تكوني … توابعَ لا أصولَ لها بنجدِ (١)

وفيها وادعَ عاصمٌ الحارثَ الخارجي لمَّا بلغَه قدومُ أسد إلى خُراسان، وكتب عاصم بينه وبين الحارث كتابًا على أن ينزلَ الحارثُ أيَّ كُورةٍ شاء من خُراسان حتى يكتبوا إلى هشام يدعونه إلى كتاب الله وسنَّةِ رسوله، فإنْ أبى كانوا كلُّهم عليه، وأبي يحيى بن حُضَيْن أن يُوادع، وقال: هذا خَلْعٌ لأمير المؤمنين، ولم يختم على الكتاب مع مَنْ ختمَ، فقال خَلَف بن خليفة أبياتًا منها يخاطب يحيى بن حُضَين:

أبى همُّ قلبِك إلا اجتماعا … ويأْبَى رُقادُك إلا امتناعا

حَفِظْنا أُميَّةَ في مُلْكها … ونَخْطِرُ من دونها أنْ تُراعَي

نُدافعُ عنها وعن مُلكها … إذا لم نجد بيديها امتناعا

ومنَّا الذي سادَ (٢) أهلَ العراقِ … ولو غابَ يحيى عن الثَّغْر ضاعا

على ابنِ سُرَيج نَقَضْنا الأمورَ … وقد كانَ أحْكَمَهما ما اسْتَطاعا

من أبيات.

وكان عاصم في قرية لكندة (٣) بأعلى مَرْو، والحارث بقرية لبني العنبر، والتَقَوْا واقتتلُوا، فانهزم الحارث وأصحابه، وعظَّم الناسُ ما فعلَ يحيى بن الحُضَين.


(١) تاريخ الطبري ٧/ ١٠٠.
(٢) في "تاريخ" الطبري ٧/ ١٠٢: شدَّ.
(٣) في (خ) و (د) (والكلام منهما): المده (؟)، والمثبت من "تاريخ" الطبري ٧/ ١٠٣، ولم ترد هذه اللفظة في عبارة "الكامل" ٥/ ١٨٧، فجاء فيه: بقرية بأعلى مَرْو.