وجعل في وسطه بابًا ارتفاعه خمس مئة ذراع وعوضه مائة ذراع بالذراع الأعظم، وهو الباع، وعمل عليه مصراعين وقفلًا كبيرًا، وكل ذلك أملس كملاسة الجبل.
وذكر ابن خرداذبه في كتاب "المسالك والممالك" قال: حدَّثني سلام الترجمان قال: رأى هارون الواثق بالله في منامه كأنَّ السدَّ قد فتح فانزعج، وقال: تجهز إلى السدِّ، وضمَّ إليَّ عسكرًا، ووصلني بخمسة آلاف دينار، وأعطاني ديتي عشرة آلاف درهم، وأعطى كلَّ فارس معي ألف درهم ورزق ستة أشهر. قال: فَشَخَصَنا من سُرَّ مَن رَأى بكتاب الواثق إلى نائبه بأرمينية وهو إسحاق بن إسماعيل، فوافيناه بتَفلِيس، فكتب لنا كتابًا إلى صاحب مملكة السَّرير واللَّان، فكتبوا لنا كتابًا إلى ملك الخَزَرِ، فبعث معنا الأدلَّاء وسرنا من عند ملك الخَزَر خمسةً وعشرين يومًا ثم وقعنا في أرض سوداء منتنة الريح، فسرنا فيها عشرة أيَّام، ثم صرنا إلى مدن خراب، فسرنا فيها تسعة وعشرين يومًا، فسألنا الأدلَّاء عنها فقالوا: هذه مدن كان يأجوج ومأجوج يطرقونها فأخربوها. ثم سرنا إلى حصون بالقرب من الجبل الذي فيه السدُّ، وفي تلك الحصون قوم يتكلمون بالعربية والفارسية، مسلمون يقرؤون القرآن، وعندهم مساجد ولهم زروع وعيون، فقالوا: من أين جئتم؟ قلنا: من العراق، ونحن رسل أمير المؤمنين الواثق، فعجبوا وقالوا: ما سمعنا بهذا قط. ثم صرنا إلى جبل أملس مقطوع بوادٍ عرضه خمس مئة ذراع وأكثر، وفيه السدُّ، وإذا عضادتان كل واحدة منها يلي الجبل، وعليها باب بمصراعين عرض كل واحد خمسون ذراعًا في ارتفاع خمسين ذراعًا في ثخن خمسة أذرع، وقائمتهما في دَرْوَند من حديد، وعلى الباب قفل طوله سبعة أذرع في غلظ ذراع، وارتفاع القفل من الأرض خمسة وعشرون ذراعًا، وفوقه غَلقٌ أطول من القفل وقفيز، وعليه مفتاح عظيم بسلسلة طولها ثمانية أذرع في استدارة ذراع، والحلقة التي فيها السلسلة مثل حلقة المنجنيق، وعتبة الباب عشرة أذرع في بسط مئة ذراع، ورئيس تلك الحصون يركب في كل جمعة في عشرة فوارس مع كل فارس مرزبَّة من حديد وزنها خمسين ومئة منٍّ، فيضربون الباب بتلك المرزبَّات مرارًا ليسمع من خلف الباب، فيعلمون أنَّ هناك حفظةً وهناك آلة البناء والقدور والمغارف وبقيَّة اللبن والقدور، ويصعد إليها بسلالم، فسألناهم: هل رأيتم أَحدًا من يأجوج ومأجوج؟ قالوا: رأينا مرَّة