للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيخرجُون كما قال الله ﷿: ﴿مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٦] فَيَغْشَوْنَ

الأرض، وينحاز المسلمون إلى حصونهم ومدائِنهم، حتَّى إنَّ أولهم يمرُّون بالنَّهر من

أنهار الأرض- وقال أبو الهيثم: دجلة- فيشرَبُون حتَّى تصير يابسة، فيمرُّ به الذين من

بعدهم سيقولون: لقد كان بهذا المكان ماءٌ مرةً. حتَّى إذا ظهروا على أهل الأرض

قالوا: هؤلاء أهلُ الأرض قد فرغنا منهم، وبقي أهل السَّماءِ فيهزُّ أحدُهُم حَربَتَه، ثم

يقذِفُ بها إلى السماء فترجع إليه مُخضَبَةً دمًا للفتنة، فبينما هم كذلك إذ بعثَ اللهُ عليهم

دُودًا في أعناقهم كنَغَفِ الجَرادِ، فيمُوتُون موتَ الجَرادِ، فيُصبحُ المسلِمونَ ما يسمَعُونَ

لهم حِسًّا، فيقولون: هل من رجل يشترِي لنا نَفسَهُ فينظُر ما فَعلَ هؤلاء القوم؟ فينزِلُ

رجل منهم قد أيقَن أنَّه مقتُولٌ، فيَجدُهم موتَى بعضُهُم على بَعضٍ، فينادي: أبشِروا فقد

كَفاكُم اللهُ أمرَ عدوكُم، فيخرجُ المسلِمونَ فيُرسِلُون مواشِيَهم فيهم، فما يَكونُ لهم رَعيٌ

غير لُحومِهم، فتَشكَر عليه كأحسَن ما شكَرت على شيءٍ من النَّباتِ أصابَتهُ قطّ" (١).

وقال الثعلبي بإسناده عن عبد الله، قال: سألت النَّبيُّ عن يأجوج ومأجوج

فقال: "يأجوجُ أُمَّةٌ ومأجوجُ أُمَّةٌ، كل أُمَّةٍ أربع مئة ألف، لا يموتُ أحدُهم حتَّى ينظُرَ

إلى ألفِ ذَكرٍ من صُلبِه كُلُّهم قد سَلَّ السِّلاحَ" فقال: يا رسول الله، صِفهُم لنا، فقال:

"هم ثلاثةُ أصنَافٍ: صِنفٌ منهم أمثال الأَرْزِ" قيل: يا رسول الله، وما الأَرزُ؟ قال:

"شجر بالشَّامِ طولُ الشَّجرةِ عشرُون ومئة ذِراع، وصِنفٌ منهم عرضُهُ وطُولُه سواء،

وصِنفٌ منهم يَفرُش أذُنَه ويلتَحِفُ بالأخرى، لا يمرُّونَ بِفيلٍ ولا وَحشٍ ولا خِنزِيرٍ إلَّا

أكلُوهُ، ومَن مَاتَ منهم أكلُوهُ، مقدِمتُهم بالشَّامِ وساقتهم بخُراسَان، يَشربُونَ أنهارَ

المشرق وبُحيرةَ طبرية"

قلت: وقد أخرج جدِّي هذا الحديث في "الموضوعات" وقال: قال ابن عدي: هذا

حديث منكر موضوع (٢).

وذكر مقاتل أنَّ السدَّ عرضه فرسخ وطوله فرسخ. وذكَر صاحب "المسالك": أنَّ


(١) أخرجه أحمد (١١٧٣١).
(٢) "الموضوعات" (٤١٦) والكامل لابن عدي ٦/ ١٦٩ عن حذيفة.