للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال سالم مولى هشام وحاجبُه: فخرج زيد وهو يَفْتِلُ شارَبه [ويقول:] ما أَحَبَّ أحدٌ الحياة قطّ إلَّا ذَلَّ. ثم مضى، فكان وجهُه إلى الكوفة، فخرج بها. فأخبرتُ هشامًا بعد ذلك بما قال زيد يومَ خرجَ من عنده، فقال: ثكلَتْك أمُّك! ألا أخبرتَني بذلك قبل اليوم؟! وما كان دَينُه؟ قلت: خمس مئة ألف درهم. فقال هشام: إنَّ عطاءنا له ذلك أهونُ علينا ممَّا صارَ إليه (١).

وقال عُمر بن شبَّة: لما دخلَ زيدٌ على هشام وكان يكرهُه، فقال له: بلغني أنك تذكرُ الخلافة وتتمنَّاها، ولستَ هناك. قال: ولمَ؟ قال: لأنك ابنُ أَمَة. فقال له زيد: ليس عند الله أعلى منزلةً من نبيّ ابتعثَه، وقد كان إسماعيلُ ابنَ أَمَة، وخرجَ من ظهره سيِّدُ الأنبياء، وكان أخوه إسحاق ابنَ حُرَّة، فأخرجَ الله مِنْ ظهره من مَسَخَهُ خنازير وقردة. فقال هشام: اخرجْ. فخرج وهو يقول: واللهِ لا رأيتَني بعد اليوم إلَّا حيثُ تكره. فقال له سالم مولى هشام: يا أبا الحُسين (٢)، لا يظهرنَّ هذا منك. وقال هشام: واللهِ لانبئنا خبر (٣) قبل خلعه إيَّانا (٤). فخرج إلى الكوفة فكان كما قال.

وقال هشام بن محمد: لمَّا أقام زيد بالكوفة جعلت الشيعة تختلف إليه ويقولون: إنَّا لنرجو أن تكون المهديّ (٥)، وأنَّ اللهَ يُهلك بني أمية على يدك (٦).

[وجعل] يوسف بن عمر يسألُ عنه، فيقال (٧): هو ها هنا، فيرسل إليه [أن] (٨) اخْرُجْ إلى المدينة. وهو يعتلُّ عليه.


(١) طبقات ابن سعد ٧/ ٣٢٠. وما سلف بين حاصرتين منه.
(٢) في (ب) و (خ) و (د) (والكلام منها): أبا الحسن. وهو خطأ. وينظر الخبر في "تاريخ" الطبري ٧/ ١٦٥ - ١٦٦، وبنحوه في "العقد الفريد" ٤/ ٤٨٢ - ٤٨٣ و ٥/ ٨٩.
(٣) كذا في (ب) و (خ) و (د) (والكلام منها). وينظر التعليق التالي.
(٤) في "تاريخ" الطبري ٧/ ١٦٥: والله ليأتينَّك خلعُه أول شيء.
(٥) في "تاريخ" الطبري: المنصور، بدل: المهدي. وكذا في "أنساب الأشراف" ٢/ ٥٢٦. والخبر فيه بنحوه.
(٦) في (خ): يديك، والمثبت من (ب) و (د)، والكلام ليس في (ص).
(٧) في (ب) و (خ) و (د): فقال. وهو تحريف.
(٨) الكلمتان بين حاصرتين زدتُهما لتمام السياق، ينظر "تاريخ" الطبري ٧/ ١٦٦، والكلام فيه بنحوه.