للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال هشام:] ولما عزم [زيد] على الخروج وشاع ذلك؛ خرج سليمان بن سراقة البارقي (١) إلى يوسف بن عمر وهو بالحِيرة، فأخبره الخبر وقال: إنه يختلف إلى منزل رجل يقال له: طُعمة، من بني تميم، ورجل آخر يقال له: عامر، وكلاهما من بارق، فأرسلَ إليهما، فأحضرَهما عنده وسألهما عن زيد، فاتَّضَحَ له أمرُه لما كلَّماه. وخاف زيد أن يُؤخذ، فتَعجَّل الأجل (٢) الذي بينه وبين الذين (٣) بايعوه.

ولما علم جماعةٌ من الشيعة ذلك اجتمعوا إلى زيد وقالوا: ما تقولُ في أبي بكر وعمر؟ فقال زيد: رحمهما الله وغفرَ لهما، ما سمعتُ أحدًا من أهل بيتي تبرَّأَ (٤) منهما ولا يقول فيهما إلَّا خيرًا.

[ذكر مناظرته للشيعة:

قال هشام:] فلما قال لهم ذلك، قالوا: هما وَثَبا على سلطانكم فنزعاه من أيديكم. فقال لهم زيد: إنهما وإن كانا قد دفعانا عن حقِّنا واستأثرا به دونَنا غير أنهما قد وَلِيَا فَعَدَلَا، وعملا بالكتاب والسُّنَّة. قالوا: فلمن تُقاتل إذا كانوا أولئك ما ظلموك، فهؤلاء الذين تريد قتالهم ما ظلموك أَيضًا؟! فقال لهم: إن هؤلاء ليسوا كأولئك، إنهم ظالمون لي ولنفوسهم وللأمة، وإنما أدعوكم إلى كتاب الله وسُنَّة رسولِه، وإحياء السُّنن وإماتة البدع، فإنْ وافقتموني سعدتُم، وإنْ أبيتُم فلست عليكم بوكيل (٥).

[وقال الهيثم:] قالوا له: ما نقاتل معك حتَّى تتبرَّأَ منهما، فقال: معاذَ الله، واللهِ لا فعلتُه أبدًا. ففارقوه ورفضوا الحقَّ، فسمَّاهم (٦) الرافضة (٧).


(١) في (ص): والبارقي. وفي النسخ الأخرى: المارقي، والصواب ما أثبتُّه. وينظر "تاريخ" الطبري ٧/ ١٨٠.
(٢) في (ب) و (خ): الأمر، بدل: الأجل. والمثبت من (ص) و (د)، وهو موافق لما في "تاريخ" الطبري ٧/ ١٨٠.
(٣) في (ب) و (خ) و (د): الذي. والمثبت من (ص)، وهو موافق لما في المصدر السابق.
(٤) في (ص): يتبرَّأ.
(٥) تاريخ الطبري ٧/ ١٨٠ - ١٨١، وينظر "أنساب الأشراف" ٢/ ٥٢٨ - ٥٢٩. والكلام السالف بين حاصرتين من (ص).
(٦) في (ص): فسُمُّوا.
(٧) بنحوه في المصدر السابق، و"أنساب الأشراف" ٢/ ٥٢٨ - ٥٢٩.